اللغة إحساس الأحياء وفكر العقلاء، وكل من الإحساس والفكر في تقلب دائم وحركة مستمرة، يختلف من وقت لآخر، ومن أمة لأمة، وهذا الاختلاف هو شأنها بصفة عامة فما بالك لو ارتقت اللغة إلى أسمى مراتبها؟ وهو التصوير الأدبي فتكون المشقة في تحديد المعنى لاختلاف الأذواق.
وتبعًا لذلك اختلف النقاد في تحديد مفهوم الصورة الأدبية قديمًا وحديثًا، وإن وصلوا في النهاية عن طريق تحليلها إلى مظاهر الجمال فيها، وإلى أثرها في النفس، فكان ذلك الجهد هو أكثر وفاء لنبل الصورة، وأعظم تقديرًا لسموها وأوضح لسر خلودها.
وليس معنى ذلك أن نقف عاجزين عن بيان معنى الصورة، وتحديد معالمها وعناصرها وشروطها وأثرها الفني، وإلا لثبطنا الهمم في الدراسة، وخارت العزائم عن البحث المتجدد، وفقدت أملها في الرقي والإبداع، ولهذا أردت أن أضع مفهومًا للصورة الأدبية في تعريف موجز ثم يعقبه توضيح شامل ثم نوضح بعده معالم الصورة واحدًا بعد الآخر.
مفهوم الصورة الأدبية:
الصورة الأدبية هي التركيب القائم على الإصابة في التنسيق الفني الحي لوسائل التعبير التي ينتقيها وجود الشاعر -أعني خواطره ومشاعره وعواطفه- المطلق من عالم المحسات ليكشف عن حقيقة المشهد أو المعنى، في إطار قوي نام محسن مؤثر، على نحو يوقظ الخواطر والمشاعر في الآخرين.