إلى الفن الجميل بأي وجه فيرى "أن الصورة الشعرية تركيبة غريبة معقدة بل هي بلا شك أكثر تعقيدًا من أي صورة فنية أخرى"1.
ولذلك أعطى لها رمز "التوقيعة" التي تتناسب مع غموض الصورة، والقصيدة على ذلك تشتمل على عدة توقيعات لتشكيل الصورة الشعرية، والتوقيعة "هي الوحدة الحيوية في الشعر التي لا تقبل الاختصار"2 فهي رمز معقد لا يفهم ولا يعرف كنهه، وهو يريد بذلك أن يشيع الغموض في الصورة ظنًّا منه، أنه نوع من المهابة والحذر الذي يضفي على الشيء الجمال والجلال.
ولكن الحقيقة أن التوقيعة في فن القول ليست رمزًا كما يتصور الناقد؛ لأن كل توقيعة في الصورة لا بد أن تشمل التصوير الموسيقي للفظ، والمعنوي له، وتوافقهما مع الشعور، ومن هذه التوقيعات يتكون النظم الذي تتألف منه الصورة، وهكذا تتكون القصيدة، والأولى بهذا اللفظ أن يكون مصطلحًا للفن التشكيلي كالرسم والنحت والموسيقى والرقص لكونها توقيعات رمزية لا يستطيع فهمها، وإن كنا نطرب لها ونحس بجمالها، وعلى ذلك يكون الفرق ظاهرًا بين لغة الجماد الحي وبين لغة العقلاء؛ لأننا "نفكر بالألفاظ" أي أن الألفاظ هي مظهر إداركنا الفكري، وعمل الأديب تهيئة الجو الفني للألفاظ لتشع على قارئها وسامعها الظلال والإيقاع، وترسم الصور المعاني في رشاقة وحركة وتتابع وعذوبة3.
وبذلك تكون الصورة مثيرة للالتفات؛ لأنها هي القادرة قدرة كاملة على التعبير عن تجارب المتكلم ومشاعره، والتي تتجمع فيها روعة الخيال والنغم،