ما في العالم الخارجي ومظاهر الطبيعة، وبناء على هذا التوافق يختار لفظًا يتلاقى فيه العالم الخارجي بالشعور النفسي، وتكون عملية إخضاع الطبيعية لحركة النفس وحاجتها1 هي نفسها تشكل الصورة الأدبية، وعلى هذا يصبح عالم الفكر المجرد في تجربة المشاعر واقعيًّا مرئيًّا، بعد أن كان قبل ذلك غير واقعي؛ لأنه تعانق مع مظاهر الطبيعة في النفس وبرز من خلالها عن طريق التوافق النفسي السابق.
وليست الصورة الأدبية واقعية بالمعنى الحرفي للفكر المجرد؛ لأنها في نفس الشاعر غير ما تناوله من مظاهر الواقع، ولذلك تكون الصورة أقرب إلى اللاواقعية من الواقعية؛ "لأن الصورة الفنية تركيبة عقلية تنتمي في جوهرها إلى عالم الفكرة أكثر من انتمائها إلى عالم الواقع"2.
وبتجمع خيوط المعاني السابقة الصورة الزمانية والمكانية يتكون نسيج الصورة الأدبية "التي ينسجم فيها الإيقاع والدلالة مع الحالة الشعورية النفسية للشاعر وتكون تمثيلًا صادقًا لتجربته الشعورية".
وحين يحدد المفهوم الكلي لما يقول: "وهنا تلتقي الفلسفة النفسية للصورة الشعرية والتفسير النفسي للمكان، فنحن نقول: إن الشاعر يشكل "الصورة" وأنه يستمد في تشكيل لها عناصره من عينات ماثلة في المكان، وكأنه يصنع بذلك نسقًا خاصًا للمكان لم يكن له من قبل تمامًا كالنسق الزماني "الموسيقي" الخاص الذي صنع به الصورة الصوتية للقصيدة"3.
إلى هنا يكون الناقد واضحًا في تفسير الوصرة تفسيرًا عميقًا. وحين يغالي في هذا العمق، يتحول الجمال الفني فيها إلى ألغاز الفلسفة التي لها وجهها، ولا تنتمي