جميعًا أقرب منه إلى فهم الصورة الأدبية وتقدير قيمتها الفنية والخلقية معا، واتجاه د. عز الدين إسماعيل هذا يقضي على القيمة الفنية للصورة بحيث تخلص للقيمة الخلقية؛ لأنها عنده هي المقصود من العمل الأدبي، وهي الصورة الثانية الناتجة عن القصيدة كلها، التي هي تمثيل للتجربة الشعورية في نفس الشاعر، فلو أداها بألفاظ علمية، لا خيال فيها ولا تعبير بالمحسات ولا اختيار للألفاظ حى يتحقق الإيقاع لأدى الشاعر تجربته بدقة وحقق الهدف منها وهو المقصود بالصورة الثانية عنده، وحينئذ فلا تتحقق القيمة الفنية اللازمة في الشعر، وهو خطر هذا التقسيم الحرفي.

والأمر الثاني في خطورة التقسيم الحرفي الذي أدى إلى درجة الاستحالة في الفصل بين الصورتين، أنه جعل المعنى المجرد كالسخرية صورة، ولا يتأتى أن يكون التجريد صورة إلا في الألفاظ والعبارات ولا جسم لها عنده، لانفصالها فيما وراء السطح؛ ولأنها تمثل التجربة وهي مضمرة في النفس، تحتاج إلى تشكيل لفظي لن يقع شيء من ذلك على هذه الصورة من التفتيت الحرفي.

ولو عبر الناقد على الصورة بالتنسيق الصوتي والدلالة اللفظية معًا لكان أقرب إلى الصواب؛ لأنها تمثل التجربة بمعنييها الأول والثاني، أي بالمعنى ومعنى المعنى، فالتجربة في عالم التجريد إنما هي صورة مكتملة بوسائلها، توحي بالمعنيين معًا قبل تجسيدها في عالم المحسات والمرئيات.

ولا نغمط الباحث حقه فيما عدا ذلك، فئقد كان على عمق كبير في التحليل النفسي للصورة الأدبية وفلسفتها، وهو جدير بالإعجاب والتقدير حيث ربط بين الصورة وبين نفسية الشاعر، فقسم الصورة إلى ركنين أساسيين، وهما: الصورة الزمانية "الموسيقية" وهي التجانس بين الحركات والسكنات في كل مقطع

طور بواسطة نورين ميديا © 2015