الدكتور شوقي ضيف:
ويرى د. شوقي ضيف أن الصورة هي نموذج العمل الفني المتكامل الذي يتفاعل مع المضمون والشكل، فقد يظن القارئ، أن الجمال يرجع إلى الشكل من الألفاظ والصور والإيقاع، ولكنه حينما يدقق النظر وينعم الفكر، يراها تدخل في المعاني التي تعبر عنها، وتنمو في كيان النفس الداخلي مع الخواطر والمشاعر والعواطف، فبعض الصفات التي ترجع إلى اللفظ في الظاهر كالجناس وانسجام الحروف إنما ترد في الحقيقة إلى المضمون؛ لأنها تعبر عنه وتتلاءم معه، فالصورة كالشجرة النامية، لا يستطيع الإنسان أن يميز لحاها عن هيكلها، ويفصلها عن مصادر الحياة فيها، والنمو الذي يسري في كل خلية من خلاياها، ولا يمكن فصل المعاني والأحاسيس إذا كانت في الذهن ومجردة، ولا عبرة لها، ما لم تأخذ قالبًا منفصلًا عن نفس الشاعر. "وإذن فلا فارق بين المعنى والصورة أو اللفظ في نموذج أدبي، إلا إذا جعلنا المعنى أو المضمون هو الأحاسيس الأولى عند الشاعر أو الكاتب قبل أن تستوي في الصورة الأدبية وهذا لا شأن لنا بها، إنما الشأن في المعاني التي يحتويها النموذج. ومعنى ذلك أن مادة الأدب وصورته لا تفترقان فهما كل واحد ... كما تنمو الشجرة من ساق ضئيلة وتتشعب إلى فروع وأغصان كثيرة"1، فالشكل والمضمون لا ينفصل أحدهما عن الآخر، والصورة إنما هي نموذج لهما معًا تتخذ وسائلها من روافد عديدة وهي الأفكار المجردة والأحاسيس والمشاعر والعواطف، ثم الألفاظ والصور والموسيقى، التي تجسد هذه المعاني الذهنية والداخلية.