ويرى أن العمل الفني1. كالماء يتكون من الصورة والفكرة، كما يتكون الماء من الهيدروجين والأكسوجين, ولو استقل أحدهما، أو تغيرت نسبته، انعدم وجوده، حتى لو وجد لكان غير طبيعي2. وأرى أن هذا الاتجاه مع ثقافة الزيات الواسعة، تظهر فيه الأصالة العربية، في فهم الصورة متأثرًا بابن رشيق وعبد القاهر وغيرهما، وإن كانت ثقافته العميقة أعانت على توضيح الصورة أكثر وأعمق ممن تأثر بهم من القدامى، وبيان خصائصها التي نبعت من عبارته "صورة محسة".

ويذكر بعض الصور ليميز فيها بين الفكرة وصورتها، التي يشخص معالمها في قوة وبراعة، وذلك في قول علي بن أبي طالب: "إلا أن الخطايا خيل شمس حمل عليها أهلها، وخلعت لجمها، فتقحمت بهم في النار. وأن التقوى مطايا ذلل حمل عليها أهلها، وأعطوا أزمتها، فأوردتهم الجنة". يقول الزيات: تجد صورتين صورة الفرس الشموس، لم يروض ولم يلجم، فيندفع براكبه جامحًا، لا ينثني حتى يتردى به في جهنم، وصورة الناقة الذلول قد سلس خطوها، وخف عنانها، فتنطلق بصاحبها في رسيم كالنسيم حتى تدخل به الجنة، ثم تجد عاطفتين عاطفة النفور من الألم الذي يشعر به الخاطئ، وقد جمحت به خطاياه الرعن في أوعار الأرض، حتى ألقته في سواء الجحيم، وعاطفة الميل إلى لذة المتقي والورع، وقد سارت به قواه سيرًا لينًا، حتى أبلغته جنة النعيم، ذلك من حيث الموضوع، أما من حيث الشكل فتجد اختيار الألفاظ المناسبة لفكرة كالمطايا وما يلائمها من الانقياد والإيراد هنا، وكالخيل وما يوائمها من الشماس والتقحم هناك. والفرق في الطبيعة بين هذين الحيوانين، في هذين المكانين لا يخفى على ذي لب

طور بواسطة نورين ميديا © 2015