لذلك ساغ لي بعض الشيء أن أقتصر على بعض اللامعين منهم، وهم بدورهم سيعبرون عن غيرهم من اللامعين وسواهم.
أحمد حسن الزيات:
يقول الزيات: والمراد بالصورة: إبراز المعنى العقلي أو الحسي في صورة محسة1، والصورة عنده خلق المعاني والأفكار المجردة، أو الواقع الخارجي من خلال النفس خلقًا جديدًا. لتبرز إلى الوجود مستقلة عن حيز التجريد المطلق وتتخذ لها هيئة وشكلًا، يأتي على نمط خاص، وتركيب معين، بحيث تجري فيهما -على هذا النسق- الحياة والروح، والقوة والحرارة، والضوء، والظلال، والبروز والأثر2، وبذلك يتلقى السمع من الصورة أصوات الفكرة، وترى العين ألوانها، وترقب حركاتها، وتحس النفس نسيمها وانطلاقه، وتستروح الآناف رائحتها، وتستعذب الأذواق طعومها.
ويرى الزيات أن الصورة لا يمكن فصلها بحال عن الفكرة، وينكر أشد الإنكار هؤلاء الذين يمثلون الصورة بالكساء، فهي رداء ذاتي مستقل له خصائصه وأوصافه، ولكنه يرى تبعًا لابن رشيق وغيره أن العلاقة بينهما كالعلاقة بين الجسد والروح، لا يمكن أن يستقل أحدهما عن الآخر، وإلا مات الحي؛ لأن البلاغة لا تفصل بين الموضوع والشكل، فالصورة والفكرة كل لا يتجزأ، إذا تغيرت الصورة تغيرت الفكرة. وكذلك الأمر لو تغيرت الفكرة تتغير الصورة، فهناك فرق بين القولين: ما شاعر إلا فلان، وما فلان إلا شاعر،