بعيد واقفاً وهو يسير لكثرته - ثم ذكر قول النابغة الجعدي في وصف الجيش وقد تقدم ذكره في كلام ابن جرير - ثم قال وقوله تعالى (صنع الله) قال الزجاج هو منصوب على المصدر لأن قوله (وترى الجبال تحسبها جامدة) دليل على الصنعة فكأنه قال صنع الله ذلك صنعاً.

ويجوز الرفع على معنى ذلك صنع الله, فأما الإتقان فهو في اللغة إحكام الشيء انتهى.

وقال البغوي في تفسيره. قال الله تعالى (وترى الجبال تحسبها جامدة) قائمة واقفة (وهي تمر مر السحاب) أي تسير سير السحاب حتى تقع على الأرض فتسوى بها وذلك أن كل شيء عظيم وكل جمع كثير يقصر عنه البصر لكثرته وبعد ما بين أطرافه فهو في حسبان الناظر واقف وهو سائر كذلك سير الجبال لا يرى يوم القيامة لعظمها كما أن سير السحاب لا يرى لعظمه وهو سائر انتهى.

وقال القرطبي في تفسيره. قوله تعالى (وترى الجبال تحسبها جامدة وهي تمر مر السحاب) قال ابن عباس أي قائمة وهي تسير سيراً حثيثاً. قال القتبي وذلك أن الجبال تجمع وتسير فهي في رؤية العين كالقائمة وهي تسير وكذلك كل شيء عظيم وجمع كثير يقصر عنه النظر لكثرته وبعد ما بين أطرافه وهو في حسبان الناظر كالواقف وهو يسير - ثم ذكر قول النابغة الجعدي في وصف الجيش العظيم وتقدم ذكره. ثم قال - قال القشيري وهذا يوم القيامة أي هي لكثرتها كأنها جامدة أي واقفة في مرأى العين وإن كانت في أنفسها تسير سير السحاب والسحاب المتراكم يظن أنها واقفة وهي تسير, أي تمر مر السحاب حتى لا يبقى منها شيء. قال الله تعالى (وسيرت الجبال فكانت سراباً). ويقال إن الله تعالى وصف الجبال بصفات مختلفة ترجع كلها إلى تفريغ الأرض منها وإبراز ما كانت تواريه. فأول الصفات الاندكاك وذلك قبل الزلزلة, ثم تصير كالعهن المنفوش وذلك إذا صارت السماء كالمهل وقد جمع الله بينهما فقال (يوم تكون السماء كالمهل وتكون الجبال كالعهن).

والحالة الثالثة أن تصير كالهباء وذلك أن تتقطع بعد أن كانت كالعهن.

والحالة الرابعة أن تنسف لأنها مع الأحوال المتقدمة قارة في مواضعها والأرض تحتها غير بارزة فتنسف عنها لتبرز. فإذا نسفت فبإرسال الرياح عليها.

والحالة الخامسة أن الرياح ترفعها على وجه الأرض فتطيرها شعاعاً في الهواء كأنها

طور بواسطة نورين ميديا © 2015