والجواب أن يقال أما ما ذكره الألوسي عن أهل الهيئة المتأخرين من أن قيام العالم العلوي والسفلي بالجاذبية فهذا لا دليل عليه من كتاب ولا سنة, وما لم يكن عليه دليل فليس عليه تعويل. وقد تقدم التنبيه على ذلك قريباً.
وأما ما ذكره من الخبر في عظم السماء الدنيا بالنسبة إلى الأرض فهو غلط.
ولفظ الحديث عن أبي ذر الغفاري رضي الله عنه أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الكرسي فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم «والذي نفسي بيده ما السموات السبع والأرضون السبع عند الكرسي إلا كحلقة ملقاة بأرض فلاة وإن فضل العرش على الكرسي كفضل الفلاة على تلك الحلقة» رواه ابن مردويه. وقد تقدم التنبيه على ذلك في أول الفصل الذي قبل هذا الفصل.
وأما قوله فسبحان من لا يحيط بشيء من علمه أحد فهو خطأ ظاهر ويلزم على هذا الإطلاق أن يكون بنو آدم كلهم جهالًا الأنبياء فمن دونهم. وكذلك الملائكة ومؤمنو الجن.
والصواب إثبات ما أثبته الله تعالى من إحاطتهم من علمه بما شاء أن يعلموه. قال تعالى (ولا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء) فكل ما يعلمه العباد من العلم الصحيح فهو مما أطلعهم الله تعالى عليه من علمه وشاء أن يعلموه. قال الله تعالى (لكن الله يشهد بما أنزل إليك أنزله بعلمه) قال ابن كثير أي فيه علمه الذي أراد أن يطلع العباد عليه من البينات والهدى والفرقان وما يحبه الله ويرضاه وما يكرهه ويأباه وما فيه من العلم بالغيوب من الماضي والمستقبل وما فيه من ذكر صفاته تعالى المقدسة التي لا يعلمها نبي مرسل ولا ملك مقرب إلا أن يعلمه الله به انتهى.
وقد قال الله تعالى (ويعلمكم الله والله بكل شيء عليم) وقال تعالى مخبراً عن الملائكة (قالوا سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم).
وروى الإمام أحمد والبزار والطبراني في الكبير والأوسط عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال سمعت أبا القاسم رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول «إن الله عز وجل يقول يا عيسى إني باعث بعدك أمة إن أصابهم ما يحبون حمدوا وشكروا وإن أصابهم ما يكرهون احتسبوا وصبروا ولا حلم ولا علم قال يا رب كيف هذا لهم ولا حلم