كانت تميد فلما ألقيت الجبال عليها استقرت. وهذا نص في سكون الأرض وثباتها.

والاستقرار ينافي السير والحركة كما لا يخفى على من له أدنى علم ومعرفة.

وأما تشبيه الأرض بالسفينة على وجه الماء وأنها إذا وضعت فيها أجرام ثقيلة لم تمنع حركتها وسيرها فهو تشبيه غير مطابق لأن الأرض قد أرسيت بالجبال من جميع نواحيها والجبال متوجهة بثقلها نحو المركز الذي هو وسط الأرض فصارت للأرض كالأوتاد التي تمنعها من الحركة ولهذا قال الله تعالى (ألم نجعل الأرض مهادا. والجبال أوتادا) قال ابن منظور في لسان العرب وأوتاد الأرض الجبال لأنها تثبتها انتهى.

وإذا كانت الجبال أوتاداً للأرض فالتشبيه المطابق هو تشبيهها بالسفينة التي قد وضع فيها ما يثقلها وأوتدت بالأوتاد في مرساها فوقفت فيه ولم تتحرك.

وأما قول الألوسي إن السفينة إذا وضعت فيها أجرام ثقيلة تستقر فكذا الأرض لو لم يكن عليها هذه الجبال لاضطربت - إلى أن قال - إن جعل الرواسي فيها لا يعارض حركتها بوجه من الوجوه فجوابه أن يقال إن الاستقرار ينافي السير والحركة كما هو معروف في لغة العرب. قال في القاموس وشرحه قرّ بالمكان يقر بالكسر والفتح قراراً وقروراً وقراً وتقره ثبت وسكن فهو قار كاستقر وتقار وهو مستقر انتهى.

وإذا كان الاستقرار معناه الثبات والسكون فاستقرار الأرض المذكور في الخبر المتقدم معناه سكونها وثباتها وذلك ينافي حركتها وسيرها. وكذلك استقرار السفينة معناه وقوفها وثباتها في مرساها وذلك ينافي حركتها وسيرها.

وأما أن يقال في السفينة السائرة إذا وضعت فيها الأجرام الثقيلة التي تمنع اضطرابها وميلها من جانب إلى جانب أنها مستقرة في حال سيرها وجريانها في الماء فهذا لا يعرف في لغة العرب.

وقد حاول الألوسي الجمع بين استقرار الأرض وحركتها واستقرار السفينة وحركتها وذلك خطأ مردود من وجهين. أحدهما مخالفته لغة العرب. والثاني جمعه بين النقيضين.

الأمر الثامن قوله فهل رأيتم كلاماً أصرح من هذا الكلام في كروية الأرض وحركتها.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015