قلت أما قولهم إن الشمس ساكنة لا تتحرك أصلا وأنها مركز العالم فهو مردود بما تقدم في أول الكتاب من النصوص الدالة على جريانها ودورانها على الأرض.
وأما قولهم إن الأرض تتحرك على الشمس فهو مردود بما تقدم في أول الكتاب من الأدلة الكثيرة على سكون الأرض وثباتها ... وأما قولهم إن للشمس حركة على نفسها أو على كوكب من كواكب الثريا فقد تقدم التنبيه على بطلانه مع الأمثلة على نقصان كتاب الألوسي.
وأما قولهم إن النجوم الثوابت أنظمة مستقلة فمعناه أن كل واحد منها يعد مركزاً ثابتاً كالأرض وله توابع من النجوم تدور عليه كما تدور الشمس والقمر والنجوم على الأرض. وقد ذكر الألوسي في صفحة 68 عن أهل الهيئة الجديدة أنهم قالوا في النجوم الثوابت إن كل واحد منها يعد شمساً لا يرى توابعها للبعد الشاسع.
قلت وإنما قالوا يعد شمساً لأن عندهم أن الشمس هي المركز الثابت الذي تدور عليه الأرض والسيارات من النجوم. بخلاف ما عليه المسلمون من القول بثبات الأرض وأنها هي المركز التي تدور عليه الشمس والقمر والنجوم.
وقد ذكرت في المثال الثالث عشر نموذجا من هذيان أهل الهيئة الجديدة في بعد النجوم الثوابت عن الأرض واختلاف بعضها عن بعض في البعد وذكرت الأدلة على بطلان قولهم وفيها النص على أن الكواكب كلها من زينة السماء الدنيا. وإذا كانت النجوم الثوابت من زينة السماء الدنيا فليس لشيء منها نظام يتبعه ويدور عليه لأنها لو كانت لها توابع تدور عليها لكانت توابعها تخترق السماء في حال دورانها وهذا باطل.
وإنما قالوا بدوران الشمس على الثريا وأن النجوم الثوابت لكل واحد منها نظام يتبعه ويدور عليه لأنهم يرون أن سعة الجو غير متناهية وأنه ليس فوقنا سموات مبنية شداد. وقد تقدم رد هذا في المثال الثالث والمثال الرابع.
وقد قال الله تعالى (والشمس والقمر والنجوم مسخرات بأمره) وقال تعالى (وسخر لكم الليل والنهار والشمس والقمر والنجوم مسخرات بأمره إن في ذلك لآيات لقوم يعقلون) وفي هاتين الآيتين إشارة إلى أن الشمس والقمر والنجوم كلها تجري وتدور