الأرض فلا يتوسط بين الأرض وبين الشمس. وكسوف الشمس إنما يكون بسبب حيلولة القمر بينها وبين الأرض.

ولما علم أهل الهيئة الجديدة بما في هذا القول من الفساد قالوا إن القمر من سيارات السيارات وإنه يدور على الأرض والأرض تدور هي وقمرها على الشمس. وهذا باطل قطعاً لأنها لو كانت تدور على الشمس مع ما زعموه من البعد المفرط بينها وبين الأرض لكان مدار الأرض وقمرها من فوق الكرسي بمسافة بعيدة جداً وكانا يخترقان السموات السبع في حال دورانهما وهذا من أبطل الباطل.

وأيضاً فالدوران إنما يكون على مركز ثابت. وما ليس بثابت كالسيارات فليس بمركز يدار عليه.

المثال التاسع زعمهم أن البعد الأبعد للقمر عنها - أي عن الأرض - أحد وتسعون ألفاً وأربعمائة وخمسون فرسخاً. والبعد الأقرب له ثمانون ألفاً ومائة وخمسة فراسخ. فيكون البعد الأوسط نحو ستة وثمانين ألف فرسخ. ذكره الألوسي عنهم في صفحة 34.

وهذا من نمط ما قبله من الهذيان والتخرص. وذلك أن مسافة البعد الأبعد تطابق إحدى وثلاثين سنة وتسعة أشهر تقريباً. ومسافة البعد الأوسط تطابق تسعاً وعشرين سنة وعشرة أشهر تقريباً. ومسافة البعد الأقرب تطابق سبعاً وعشرين سنة وعشرة أشهر تقريباً.

والقرآن العظيم يرد هذا القول ويبطله قال الله تعالى (تبارك الذي جعل في السماء بروجاً وجعل فيها سراجاً وقمراً منيراً) وقال تعالى مخبراً عن نوح عليه الصلاة والسلام أنه قال لقومه (ألم تروا كيف خلق الله سبع سموات طباقاً, وجعل القمر فيهن نوراً وجعل الشمس سراجاً).

ففي هذه الآيات النص على أن القمر في السماء.

وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال «بين السماء والأرض مسيرة خمسمائة عام» وقد تقدمت الأحاديث بذلك في أول الكتاب. وفيها مع الآيات التي ذكرنا رد لما تخرصه أهل الهيئة الجديدة في بعد القمر عن الأرض.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015