(المسألة الخامسة عشر) السماء عقيدة المسلمين فيها أنها بناء عظيم وسقف لما تحتها بلا عمد ترى. ووصفها الله تعالى في كتابه العزيز. بما ينطق بأنها بناء بالغ الغاية في الإتقان مثل قوله تعالى (الذي خلق سبع سموات طباقا ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت فارجع البصر هل ترى من فطور. ثم ارجع البصر كرتين ينقلب إليك البصر خاسئا وهو حسير. ولقد زينا السماء الدنيا بمصابيح وجعلناها رجوما للشياطين).
فمن قال واعتقد أنها جو وفضاء لا بناء واستمر مصمما على ذلك يكفر لتكذيبه الله تعالى في خبره (والسماء بناء) وفي خبره (وجعلنا السماء سقفا محفوظا) وفي خبره (والسماء بناها) وفي قوله (أأنتم أشد خلقا أم السماء بناها. رفع سمكها) وغير ذلك من الآيات الدالة على أنها بناء محكم انتهى.
المثال الرابع زعمهم أن سعة الجو غير متناهية ذكره الألوسي عنهم في صفحة 34 وهذا قول باطل. والحق أن هذا الجو الذي نحن فيه ينتهي إلى السماء الدنيا ومسافته من كل جانب من جوانب الأرض خمسمائة سنة. ثم بين كل سمائين فضاء مسيرته من كل جانب خمسمائة سنة. وقد تقدم التنبيه على ذلك مع الأمثلة على نقصان كتاب الألوسي وقلة بركته وخطأ الصواف في مدحه.
المثال الخامس زعمهم أن الشمس أعظم من الأرض بألف ألف مرة وثلثمائة وثمانية وعشرون ألف مرة ذكره الألوسي عنهم في صفحة 33.
والجواب أن يقال قد ذكر ابن القيم رحمه الله تعالى عن أهل الهيئة القديمة أنهم اتفقوا على أن الشمس بقدر الأرض مائة مرة ونيفا وستين مرة.
وكل من الطرفين لا دليل لهم على ما قالوه سوى الظنون الكاذبة والرجم بالغيب وإثبات مثل هذه الأمور يحتاج إلى دليل قاطع من كتاب الله تعالى أو من سنة رسوله صلى الله عليه وسلم. وما لم يكن عليه دليل فليس عليه تعويل.
ولو قال قائل إن الأرض أعظم من الشمس بكثير لكان قوله أقرب إلى الصواب من قول أهل الهيئة القديمة ومن قول أهل الهيئة الجديدة لأن الله تعالى قال (إذا الشمس كورت. وإذا النجوم انكدرت) وقال تعالى (إذا السماء انفطرت, وإذا الكواكب انتثرت) قال البغوي وغيره في قوله تعالى (وإذا النجوم انكدرت) أي تناثرت من السماء