ساكنون عليه هو الأرض وإنها كروية الشكل وأقاموا على ذلك دلائلهم المعلومة في كتبهم (وممن قال بكرويتها شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله) وأنها أي الأرض على عظمها سابحة في الفضاء وليست لها حافة ينتهي إليها من يجوب سطحها كما إذا مشت ذبابة على بطيخة معلقة فهي لا تنتهي إلى حافة كذلك الأرض الكروية الشكل السابحة في الفضاء ليس لها حافة ينتهي إليها من يجوب سطحها وهي عائمة في الفضاء, وذهبوا إلى أن حركتها وكذا سائر الأجرام السماوية من الغرب إلى الشرق لا كما يتراءى أن حركة هذه الأجرام من الشرق إلى الغرب (وهذا ما يقوله علماء الفلك اليوم) وذهبوا إلى أن لها أي الأرض حركة أخرى غير الحركة اليومية وهي الحركة السنوية, فللأرض عندهم حركتان حركة يومية وهي دورانها على محورها مرة من الغرب إلى الشرق ومنها اختلاف الليل والنهار وحركة من الغرب إلى الشرق حول الشمس مرة واحدة كل سنة. ثم قال الألوسي العالم السلفي المنصف رحمه الله: هذا ما ذكره علماء الهيئة الجديدة في شأن الأرض.

وقد تصفحت القرآن, العظيم الشأن فوجدت عدة آيات نطقت بما يتعلق بالأرض من جهة الاستدلال بها على وجود خالقها وعظمة باريها ولم يذكر فيها شيء مما يخالف ما عليه علماء أهل الهيئة اليوم ولا ينافي كرويتها ما يدل ظاهرها على المد والبسط والفرش فإن هذا كله لا ينافي الكروية لأن المراد من بسطها وتوسعتها ومدها ما يحصل به الانتفاع لمن حلها ولا يلزم من ذلك نفي كرويتها كما أن الكرة العظيمة لعظمها ترى كالسطح المستوي وكان كل قطعة منها سطح مفروش يصح القعود والنوم عليه, والكرة كلما عظمت قربت أقواس سطحها إلى الخط المستقيم. وفي الشريعة دلائل كثيرة تدل على كروية الأرض والسماء منها اعتراف الأئمة باختلاف المطالع فإن الصبح في بعض البلاد يوافق المساء في بلاد أخرى. وطلوع الهلال في بعض الآفاق يوافق غيبوبته في بلاد أخرى. وهكذا الشمس وسائر الكواكب ففي بعض الآفاق يرى القطب الشمالي فوق رءوس أهله والقطب الجنوبي لا يرى أصلا. وسكنة خط الاستواء يرون القطبين على الأفق. وفي بعض البلاد تكون الحركة فيه دولابية وفي البعض حمائلية وفي البعض رحوية كل ذلك مبني على كروية الأرض ولولاها لما كان شيء من ذلك.

وقوله تعالى (وهو الذي مد الأرض) لا ينافي الكروية وما على الأرض من الجبال والأودية والبحار لا يخرج الأرض عن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015