ثم ذكر عن الليث أنه قال الخيل تجري والرياح تجري والشمس تجري جرياً إلا الماء فإنه يجري جريه أي بكسر الجيم والجراء للخيل خاصة وأنشد:
غمر الجراء إذا قصرت عنانه ... . . . . . . . . . . .
وفرس ذو أجاري أي ذو فنون في الجري انتهى وقد ذكر الله تعالى عن السفن والرياح نظير ما ذكره عن الشمس من المر السريع فقال تعالى (الله الذي سخر لكم البحر لتجري الفلك فيه بأمره) وقال تعالى (وقال اركبوا فيها بسم الله مجراها ومرساها إن ربي لغفور رحيم. وهي تجري بهم في موج كالجبال) الآية. وقال تعالى (وحملناه على ذات ألواح ودسر. تجري بأعيننا) الآية. وقال تعالى (ولسليمان الريح عاصفة تجري بأمره إلى الأرض التي باركنا فيها) الآية وقال تعالى (فالجاريات يسراً) إلى غير ذلك من الآيات الكثيرة في هذا المعنى. وقرأ ابن مسعود وابن عباس رضي الله عنهم (والشمس تجري لا مستقر لها) قال البغوي أي لا قرار لها ولا وقوف فهي جارية أبداً. وقال القرطبي أي أنها تجري في الليل والنهار لا وقوف لها ولا قرار إلى أن يكورها الله يوم القيامة. وقال ابن كثير أي لا قرار لها ولا سكون بل هي سائرة ليلاً ونهاراً لا تفتر ولا تقف كما قال تبارك وتعالى (وسخر لكم الشمس والقمر دائبين) أي لا يفتران ولا يقفان إلى يوم القيامة انتهى. وكفى بهذه الآية حجة على إبطال ما يزعمه كوبرنيك وهرشل وأتباعهما من أهل الهيئة الجديدة ومن يقلدهم ويأخذ بأقوالهم من المسلمين.
الدليل الثاني قوله تعالى في سورة الرعد (الله الذي رفع السموات بغير عمد ترونها ثم استوى على العرش وسخر الشمس والقمر كل يجري لأجل مسمى) الآية.
الدليل الثالث قوله تعالى في سورة لقمان (ألم تر أن الله يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل وسخر الشمس والقمر كل يجري إلى أجل مسمى وأن الله بما تعملون خبير).
الدليل الرابع قوله تعالى في سورة فاطر (يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل وسخر الشمس والقمر كل يجري لأجل مسمى ذلكم الله ربكم له الملك) الآية.