وأما الخلاف الحديث فهو ما كان بين المتمسكين بالكتاب والسنة وبين أهل الهيئة الجديدة ومقلديهم من العصريين. ولا ينبغي أن يلتفت إلى خلاف أعداء الله ومقلديهم لأنه خلاف في مقابلة النصوص والإجماع فلا يعتد به.

فصل

قال الصواف. ولكن هل من قال بحركة الأرض ودورانها حول الشمس بقدرة الله وبثبوت الشمس حول محورها وحركتها حول نفسها بأمر الله هل يعتبر هذا مكذبا لله ولرسوله ومكذبا لكتاب الله حتى يحكم عليه بالردة والكفر. إنني هنا أتوقف ولا أود أن أتعجل بمثل هذا الحكم في أمور أقل ما يقال فيها أنها ظنية وليست قطعية الدلالة.

والتوقف فيها أو تفويض الأمر فيها إلى الله العلي القدير أسلم وأحكم وأراكم قد تعجلتم في أمر كانت لكم فيه أناة وفي التأويل مندوحة.

والجواب عن هذا من وجوه, أحدها أن يقال من قال بحركة الأرض ودورانها على الشمس فقد خالف الأدلة الكثيرة الدالة على سكونها وثباتها, وخالف أيضا إجماع المسلمين على ذلك.

وقد تقدم ذكر الآيات والأحاديث الدالة على سكون الأرض وثباتها فلتراجع.

وتقدم أيضا ذكر الإجماع على ذلك وقد قال الله تعالى (ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيراً).

ومن قال بثبات الشمس فهو مكذب لله تعالى ولكتابه ولرسوله صلى الله عليه وسلم شاء أم أبى ولو قال مع ذلك أن لها حركة على نفسها فإن ذلك لا يفيده شيئا لأن الله تعالى أثبت لها الجريان في عدة آيات من كتابه وقد تقدم ذكرها في أول الكتاب فلتراجع.

والجريان ضد الثبات والاستقرار كما قال تعالى عن سفينة نوح عليه السلام (وقال اركبوا فيها بسم الله مجراها ومرساها) الآية ففرق تعالى بين جري السفينة في الماء وبين رسوها وهو ثباتها واستقرارها على جبل الجودي.

وعلى هذا فمن نفى عن الشمس الجريان في الفلك وأثبت لها السكون والاستقرار

طور بواسطة نورين ميديا © 2015