وقول أبى كبير «1» :
ولقد ربأت إذا الصحاب تواكلوا ... جمر الظّهيرة فى البقاع الأطول «2»
فى رأس مشرفة القذال كأنما ... أطر السحاب بها رياض المجدل «3»
ومعابلا صلع الظبات كأنها ... جمر بمسهكة تشبّ لمصطلى «4»
فقوله: «لمصطلى» متمكنة فى موضعها.
وقول ذى الرّمة «5» :
أراح فريق جيرتك الجمالا ... كأنهم يريدون احتمالا
فكدت أموت من حزن عليهم ... ولم أر حادى الأظعان بالى
فقوله: بالى، عجيبة الموقع، أخذه من قول زهير «6» :
لقد باليت مظعن أمّ أوفى ... ولكن أم أو فى لاتبالى «7»
وقول الحطيئة «8» :
دع المكارم لا ترحل لبغيتها ... واقعد فإنك أنت الطاعم الكاسى
وقال آخر:
وجوه لو انّ المدلجين اعتشوا بها ... صدعن الدّجى حتى ترى الليل ينجلى
والضرب الثالث: أن تكون الفاصلة لائقة بما تقدّمها من ألفاظ الجزء من الرسالة أو البيت من الشعر؛ وتكون مستقرة فى قرارها، ومتمكنة فى موضعها؛ حتى لا يسدّ مسدها غيرها؛ وإن لم تكن قصيرة قليلة الحروف، كقول الله تعالى: وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكى وَأَنَّهُ هُوَ أَماتَ وَأَحْيا وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثى
، وقوله تعالى: وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولى وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى
،