البدر بمشاهدته؛ ولمس الشمس بغرته. فانظر كيف يقطّع كلماته على كل معنى بديع، ولفظ شريف.
ومن حسن المقطع جودة الفاصلة وحسن موقعها وتمكّنها فى موضعها، وذلك على ثلاثة أضرب: فضرب منها أن يضيّق على الشاعر موضع القافية، فيأتى بلفظ قصير قليل الحروف فيتمم به البيت، كقول زهير «1» :
وأعلم ما فى اليوم والأمس قبله ... ولكنّنى عن علم ما فى غد عمى
وقول النابغة»
:
كالأقحوان غداة غب سمائه «3» ... جفّت أعاليه وأسفله ندى
وقال الأعشى:
وكأس شربت على لذّة ... وأخرى تداويت منها بها
وقول امرىء القيس «4» :
مكرّ مفر مقبل مدبر معا ... كجلمود صخر حطّه السّيل من عل
وقول طرفة «5» :
إذا ابتدر القوم السلاح وجدتنى ... منيعا إذا بلّت بقائمه يدى
وقول النابغة «6» :
زعم الهمام ولم أذقه أنه ... يشفى ببرد لثاتها العطش الصّدى
وقال آخر:
ألا يا غرابى بينها لا تصدّعا ... فطيرا جميعا بالنوى أو قعامعا
وقول متمم «7» :
فلما تفرقنا كأنى ومالكا ... لطول اجتماع لم نبت ليلة معا