الفصل التاسع والعشرون فى التشطير
التشطير
وهو أن يتوازن المصراعان والجزآن، وتتعادل أقسامهما مع قيام كل واحد منهما بنفسه، واستغنائه عن صاحبه.
فمثاله من النثر قول بعضهم: من عتب على الزمان طالت معتبته، ومن رضى عن الزمان طابت معيشته. وقول الآخر: الجود خير من البخل، والمنع خير من المطل. وقول الآخر: رأس المداراة ترك المماراة، فالجزآن من هذه الفصول متوازنا الألفاظ والأبنية.
وقد أوردت من هذا النوع فى باب الازدواج ما فيه كفاية.
وأما مثاله من المنظوم، فكقول أوس بن حجر:
فتحدركم عبس إلينا وعامر ... وترفعنا بكر إليكم وتغلب
وقول ذى الرمة:
أستحدث الركب عن أشياعهم خبرا ... أم راجع القلب من أطرابه طرب
وقول الآخر:
فأما الذى يحصيهم فمكثّر ... وأما الذى يطربهم فمقلّل
وقول الآخر:
فكأنها فيه نهار ساطع ... وكأنه ليل عليها مظلم
ومن شعر المحدثين قول البحترى «1» :
شوقى إليك تفيض منه الأدمع ... وجوى إليك تضيق عنه الأضلع
وقول أبى تمام «2» :
بمصعد من حسنه ومصوّب ... ومجمّع من نعته ومفرّق