جعله عبد الله بن المعتزّ الباب الخامس من البديع «1» ، وقال: ما أعلم أنّى وجدت شيئا منه فى القرآن. وهو ينسب إلى التكلّف، فنسبه إلى التكلّف وجعله من البديع.
ومن أمثلة هذا الباب قول أعرابى لرجل: إنى لم أضر وجهى عن الطلب إليك قصر نفسك عن ردى «2» ، فضعنى من كرمك، بحيث وضعت نفسى من رجائك.
وقول أبى الدرداء: أخوف ما أخاف أن يقال لى: عملت فما عملت؟ وقول طاهر ابن الحسين للمأمون: يا أمير المؤمنين؛ يحفظ على من قلبك، ما لا أستعين على حفظه إلّا بك. وقال بعض الأوائل: لولا أنّ قولى لا أعلم [تثبيت] «3» لأنى أعلم لقلت: لا أعلم.
وقال آخر: لولا العمل لم يطلب العلم، ولولا العلم لم يكن عمل؛ ولأن أدع الحق جهلا به أحب إلىّ أن أدعه زهدا فيه.
وأنشد عبد الله قول الفرزدق «4» :
لكل امرىء نفسان: نفس كريمة ... وأخرى يعاصيها الهوى فيطيعها
ونفسك من نفسيك تشفع للندى ... إذا قلّ من أحرارهن شفيعها
وأنشد لإبراهيم بن المهدى يعتذر للمأمون «5» :
البرّ بى منك وطّأ العذر عندك لى ... فما فعلت فلم تعذل ولم تلم
وقام علمك بى فاحتج عندك لى ... مقام شاهد عدل غير متّهم
وأنشد «6» :
إنّ هذا يرى- ولا رأى لل ... أحمق- إنى أعده إنسانا
ذاك بالظنّ عنده وهو عندى ... كالذى لم يكن وإن كان كانا
ومثله:
أما يحسن من يحسن ... أن يغضب أن يرضى
أما يرضى بأن صرت ... على الأرض له أرضا