الفصل الثّانى من الباب السادس، فى قبح الأخذ

وقبح الأخذ أن تعمد إلى المعنى فتتناوله بلفظه كلّه أو أكثره، أو تخرجه فى معرض مستهجن؛ والمعنى إنما يحسن بالكسوة: أخبرنا بعض أصحابنا قال: قيل للشعبى: إنّا إذا سمعنا الحديث منك نسمعه بخلاف ما نسمعه من غيرك! فقال: إنى أجده عاريا فأكسوه من غير أن أزيد فيه حرفا؛ أى من غير أن أزيد فى معناه شيئا.

فمما أخذ بلفظه ومعناه وادّعى آخذه- أو ادّعى له- أنه لم يأخذه، ولكن وقع له كما وقع للأول؛ كما سئل ابن عمرو بن العلاء عن الشاعرين يتّفقان على لفظ واحد ومعنى. فقال: عقول رجال توافت على ألسنتها، وذلك قول طرفة «1» :

وقوفا بها صحبى علىّ مطيّهم ... يقولون: لا تهلك أسى وتجلّد

وهو قول امرىء القيس «2» :

وقوفا بها صحبى علىّ مطيّهم ... يقولون: لا تهلك أسى وتجمّل

فغيّر طرفة القافية.

وقال الحرث بن وعلة «3» :

الآن لمّا ابيضّ مسربتى «4» ... وعضضت من نابى على جذم «5»

وقال غسان السليطى:

الآن لما ابيضّ مسربتى ... وعضضت من نابى أجذامى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015