فلما انتهيت إلى الدرب الذي كنت أخرج منه إلى مجلسه ألفيته مغلقاً وارث علي فتحه. فقلت: سبحان الله أبكر هذا البكور، وأغلب على القرب منه. فنظرت إلى سربٍ بجنب الدار فاقتحمته فلما توسطته ضاق بي ولم أقدر على الخروج ولا على النهوض، فاقتحمته أشد اقتحام حتى نفذت بعد أن تخرقت ثيابي وأثر السرب في لحمي حتى انكشف العظم ومن الله علي بالخروج فوافيت مجلس الشيخ على هذه الحال. فأين أنت مما عرض لي وأنشدنا:
دببت للمجد والساعون قد بلغوا ... جهد النفوس والفوا دونه الأزرا
فكابدوا المجد حتى مل أكثرهم ... وعانق المجد من أوفى ومن صبرا
لا تحسب المجد تمرا أنت آكله ... لن تبلغ المجد حتى تلعق الصبرا
قال أبو نصر فكتبناها عنه من قبل أن يأتي موضعها في نوادره. وسلاني بما حكاه، وهان عندي ما عرض لي من تلك الثياب، واستكثرت من الاختلاف إليه ولم أفارقه حتى مات رحمه الله. كتب من عندي هذه الحكاية شيخنا القاضي أبو عبد الله ابن الحاج رحمه الله واستحسنها وأعجب بها. قال ابن حيان: توفي يوم الاثنين لأربع بقين من ذي القعدة سنة إحدى وأربع مائة.
روى عن أبي محمد الأصيلي. روى عنه أبو عبد الله بن عابد وقال: كتبت عنه من خطبه وأفادني من غرائب روايته ما هو في جمعي وفي ذكري.
قال وأنا هارون هذا، قال: نا أبو محمد الأصيلي، قال: نا أبو أحمد الجرجاني، قال: نا محمد بن يوسف الفربري، قال: نا أبو النجم البخاري شيخ له بخوارزم، قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يمشي كلما رفع قدمه وضع محمد بن إسماعيل قدمه في ذلك الموضع. قال محمد بن