رحمه الله بغرناطة في شهر ربيع الأول سنة ثلاثين وخمس مائة. كتب لي هذا أبو عبيد الله النميري صاحبنا.
هارون بن موسى بن صالح بن جندل القيسي الأديب، من أهل قرطبة وأصله من مجريط؛ يكنى: أبا نصر.
سمع من أبي عيسى الليثي، وأبي علي البغدادي وغيرهما. روى عنه الخولاني وقال: كان رجلا صالحا، منقبضا مقتصدا مسمتا عاقلا مهيبا صحيح الأدب، يختلف إليه الأحداث ووجوه الناس. وكان: من الثقات في دينه وعلمه، وافى شيوخا جلة في العلم والآداب وسمع منهم وروى عنهم، وقد أخذ عنه أيضا أبو عمر الطلمنكي، وأبو عمر بن عبد البر وغيرهما.
قرأت بخط أبي علي الغساني رحمه الله: قال الفقيه أبو الحزم بن عليم، قال لي أبو بكر محمد بن موسى البطليوسي، المعروف بابن الغراب: قال لي أبو نصر هارون بن موسى بن جندل النحوي: كنا نختلف إلى أبي علي البغدادي رحمه الله وقت إملائه النوادر بجامع الزهراء ونحن في فصل الربيع فبينا أنا ذات يوم في بعض الطريق إذ أخذتني سحابة فما وصلت إلى مجلسه رحمه الله إلا وقد ابتلت ثيابي كلها، وحوالي أبي علي أعلام أهل قرطبة فأمرني بالدنو منه وقال لي: مهلا يا أبا نصر لا تأسف على ما عرض لك فهذا شيء يضمحل عنك بسرعة بثياب غيرها تبدلها ولقد عرض لي ما أبقى بجسمي فدوبا يدخل معي القبر، ثم قال لنا: كنت أختلف على ابن مجاهد رحمه الله فادلجت إليه لا تقرب منه.