كقوله تعالى: {أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرّاً وَأَحْسَنُ مَقِيلاً} , وقوله تعالى: {قُلْ أَذَلِكَ خَيْرٌ أَمْ جَنَّةُ الْخُلْدِ} , وهو كثير فكون صلاة الفذ جزءا واحدا من سبعة وعشرين جزءا من صلاة الجميع لا يستلزم إسقاط فرض الجماعة, ولزوم كونها ابنة بوجه من الوجوه, وغايتها أن يتأدى الواجب بها, وبينهما من الفضل ما بينهما فإن الرجلين يكون مقامهما في الصف واحدا وبين صلاتهما في الفضل كما بين السماء والأرض.
وفي السنن عنه صلى الله عليه وسلم: "إن العبد ليصلي الصلاة ولم يكتب له من الأجر إلا نصفها ثلثها ربعها خمسها" حتى بلغ عشرها فإذا عقل اثنان يصليان فرضهما صلاة أحدهما أفضل من صلاة الآخر بعشرة أجزاء وهما فرضان فهكذا يعقل مثله في صلاة الفذ وصلاة الجماعة.
وأبلغ من هذا قوله صلى الله عليه وسلم: "ليس لك من صلاتك إلا ما عقلت منها". فإذا لم يعقل في صلاته إلا في جزء واحد كان له من الأجر بقدر ذلك الجزء, وإن برأت ذمته من الصلاة, فهكذا المصلي وحده له جزء واحد من الأجر وإن برئت الذمة, ومثل هذه الصلاة لا يسميها الشارع صحيحة وإن اصطلح الفقهاء على تسميتها صلاة فإن الصحيح المطلق ما تربت عليه أثره وحصل به مقصودة وهذه قد فات معظم أثرها ولم يحصل منها جل مقصودها فهي أبعد شيء من الصحة, وأحسن أحوالها أن ترفع عنه العقاب وإن حصلت شيئا من الثواب فهو جزء وما هذا إلا على قول من لا يجعلها شرطا للصحة. وأما من جعلها شرطا لا تصح بدونه فجوابه إن التفضيل إنما هو بين صلاتين صحيحتين وصلاة الرجل وحده إنما تكون صحيحة للعذر, وأما بدون العذر فلا صلاة له كما قال الصحابة رضي الله عنهم, وهؤلاء لو أجابوا بهذا لرد عليهم منازعوهم إن المعذور يكمل له أجره, فأجابوا على ذلك بأنه لا يستحق بالفعل إلا جزءا واحدا, وأما التكميل فليس من جهة الفعل بل بالنية إذا كان من عادته أن يصلي جماعة فمرض أو حبس أو سافر وتعذرت عليه الجماعة والله يعلم أن من نيته أن لو قدر على الجماعة لما تركها فهذا يكمل له أجره مع أن صلاة الجماعة أفضل من صلاته من حيث العملين.
قالوا: ويتعين هذا ولا بد. فإن النصوص قد صرحت بأنه لا صلاة لمن سمع النداء ثم