فأحسن الوضوء ثم خرج إلى المسجد لا يخرجه إلا الصلاة لم يخط خطوة إلا رفعت له بها درجة وحطت عنه بها خطيئة فإذا صلى لم تزل الملائكة تصلي عليه ما دام في مصلاه ما لم يحدث تقول: اللهم صل عليه اللهم ارحمه, ولا يزال في صلاة ما انتظر الصلاة". قالوا فلو كانت صلاة المنفرد باطلة لم يفاضل بينها وبين صلاة الجماعة إذ لا مفاضلة بين الصحيح والباطل.
قالوا: وفي صحيح مسلم من حديث عثمان بن عفان أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من صلى العشاء في جماعة فكأنما قام نصف الليل ومن صلى الصبح في جماعة فكأنما قام الليل كله". قالوا: فشبه فعلها في جماعة بما ليس بواجب, والحكم في المشبه كهو في المشبه به أو دونه في التأكيد.
قالوا: وقد روى يزيد بن الأسود قال: شهدت مع النبي صلى الله عليه وسلم حجته فصليت معه صلاة الصبح في مسجد الخيف فلما قضى صلاته انحرف فإذا هو برجلين في آخر القوم لم يصليا قال: "علي بهما" -فجيء بهما ترعد فرائصهما- قال: "ما منعكما أن تصليا معنا" , فقالا: يا رسول الله قد صلينا في رحالنا. قال: "فلا تفعلا إذا صليتما في رحالكما ثم أتيتما مسجد جماعة فصليا معهم فإنها لكما نافلة". رواه أهل السنن. وعند أبي داود: "إذا صلى أحدكم في رحله ثم أدرك مع الإمام فليصلها معه فإنها له نافلة". قالوا: ولولا صحة الأولى لم تكن الثانية نافلة.
وعن محجن بن الأذرع قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فحضرت الصلاة فصلى يعني ولم أصل فقال لي: "ألا صليت" قلت: يا رسول الله قد صليت في الرحل ثم أتيتك. قال: "فإذا جئت فصل معهم واجعلها نافلة". رواه الإمام أحمد
وفي الباب عن أبي هريرة وعن أبي ذر وعبادة وعبد الله بن عمر ولفظ حديث ابن عمر عن سليمان مولى ميمونة قال: أتيت على ابن عمر وهو بالبلاط والقوم يصلون في المسجد فقلت: ما يمنعك أن تصلي مع الناس قال: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لا تصلوا صلاة في يوم مرتين". رواه أبو داود والنسائي.
فصل
قال الموجبون: التفضيل لا يستلزم براءة الذمة من كل وجه سواء كان مطلقا أو مقيدا فإن التفضيل يحصل مع مناقضة المفضل للمفضل عليه من كل وجه