نسخ. والشافعي وأحمد من أعظم الناس إنكارا لذلك, وبالله التوفيق.
وإنما لم يفعل النبي صلى الله عليه وسلم ما هم به للمانع الذي أخبر أنه منعه منه وهو اشتمال البيوت على من لا تجب عليه الجماعة من النساء والذرية فلو أحرقها عليهم إلى من لا يجب عليه وهذا لا يجوز كما إذا وجب الحد على حامل فإنه لا يقام عليها حتى تضع لئلا تسري العقوبة إلى الحمل, ورسول الله صلى الله عليه وسلم لا يهم بما لا يجوز فعله أبدا, وقد أجاب عنه بعض أهل العلم بجواب آخر: وهو أن القوم كانوا أخوف لرسول الله صلى الله عليه وسلم أن يسمعوه يقول هذه المقالة ثم يصرون على التخلف عن الجماعة.
وأما قولكم إن الحديث يدل على عدم وجوب الجماعة لكونه هم بتركها فمما لا يلتفت إليه ولا يظن برسول الله صلى الله عليه وسلم أنه يهم بعقوبة طائفة من المسلمين بالنار وإحراق بيوتهم لتركهم سنة لم يوجبها الله عليهم ولا رسوله وهو صلى الله عليه وسلم لم يخبر أنه كان يصلي وحده بل كان يصلي جماعة هو وأعوانه الذين ذهبوا معه إلى تلك البيوت, وأيضا فلو صلاها وحده لكان هناك واجبان واجب الجماعة وواجب عقوبة العصاة وجهادهم, فترك أدنى الواجبين لأعلاهما كالحال في صلاة الخوف.
وأما قولكم إنما هم بعقوبتهم على نفاقهم لا على تخلفهم عن الجماعة فهذا يستلزم محظورين: أحدهما إلغاء ما اعتبره رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلق الحكم به من التخلف عن الجماعة. والثاني: اعتبار ما ألغاه فإنه لم يكن يعاقب المنافقين على نفاقهم بل كان يقبل منهم علانيتهم ويكل سرائرهم إلى الله. الدليل الخامس: ما رواه مسلم في صحيحه أن رجلا أعمى قال: يا رسول الله ليس لي قائد يقودني إلى المجسد فسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يرخص له فرخص له, فلما ولى دعاه فقال: "هل تسمع النداء". قال: نعم. قال: "فأجب" , وهذا الرجل هو ابن أم مكتوم, واختلف في اسمه فقيل عبد الله وقيل عمرو.
وفي مسند الإمام أحمد وسنن أبي داود عن عمرو بن أم مكتوم قال: قلت: يا رسول الله أنا ضرير شاسع الدار ولي قائد لا يلائمني, فهل لي رخصة أن