وَهُمْ سَالِمُونَ} , قال: هو قول المؤذن حي على الصلاة حي على الفلاح, فهذا الدليل مبني على مقدمتين إحداهما: أن هذه الإجابة واجبة, والثانية: لا تحصل إلا بحضور الصلاة في الجماعة, وهذا هو الذي فهمه أعلم الأمة وأفقههم من الإجابة وهم الصحابة رضي الله عنهم, فقال ابن المنذر في كتاب الأوسط: روينا عن ابن مسعود وأبي موسى أنهما قالا: من سمع النداء ثم لم يجب فإنه لا تجاوز صلاته رأسه إلا من عذر, قال: وروي عن عائشة أنها قالت: من سمع النداء فلم يجب لم يرد خيرا ولم يرد بت, وعن أبي هريرة أنه قال: إن تمتليء أذنا ابن آدم رصاصا مذابا خير له من أن يسمع المنادي ثم لا يجيبه, فهذا وغيره يدل أن الإجابة عند الصحابة هي حضور الجماعة, وأن المتخلف غير مجيب فيكون عاصيا. الدليل الثالث: قوله تعالى: {وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ} , ووجه الاستدلال بالآية أنه سبحانه أمرهم بالركوع وهو الصلاة وعبر عنها بالركوع لأنه من أركانها والصلاة يعبر عنها بأركانها وواجباتها كما سماها الله سجودا وقرآنا وتسبيحا فلا بد لقوله: {مَعَ الرَّاكِعِينَ} من فائدة أخرى وليست إلا فعلها مع جماعة المصلين, والمعية تفيد ذلك.
إذا ثبت هذا الأمر المقيد بصفة أو حال لا يكون المأمور ممتثلا إلا بالإتيان به على تلك الصفة والحال, فإن قيل: فهذا ينتقض بقوله تعالى: {يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ} , والمرأة لا يجب عليها حضور الجماعة, قيل: الآية لم تدل على تناول الأمر بذلك لكل امرأة بل مريم بخصوصها أمرت بذلك, بخلاف قوله: {وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ} , ومريم كانت لها خاصة لم تكن لغيرها من النساء فإن أمها نذرتها أن تكون محررة لله ولعبادته ولزوم المسجد, وكانت لا تفارقه, فأمرت أن تركع مع أهله, ولما اصطفاها الله وطهرها على نساء العالمين أمرها من طاعته بأمر اختصها به على سائر النساء, قال تعالى: {وَإِذْ قَالَتِ الْمَلائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى