من تأخير يسير لمصلحتها وتكميلها, فكيف يؤخذ من هذا التأخير اليسير لمصلحتها جواز تأخير سنين عددا؟.
وقد نص الإمام أحمد على أن المسافر إذا نام في منزله عن الصلاة حتى فاتت أنه يستحب له أن ينتقل عنه إلى غيره فيقضيها فيه للخبر مع أن مذهبه وجوب فعلها على الفور, وإذا كانت أوامر الله ورسوله المطلقة على الفور فكيف المقيدة ولهذا أوجب الفورية في المقيدة أكثر من نفاها في المطلقة.
وأما ما تمسكوا به من القياس على قضاء رمضان فجوابه من وجهين: أحدهما أن السنة فرقت بين الموضعين فجوزت تأخير قضاء رمضان وأوجبت فعل المنسية ثم ذكرها, فليس لنا أن نجمع ما فرقت السنة بينهما.
الثاني: أن هذا القياس حجة عليهم فإن تأخير رمضان إنما يجوز إذا لم يأتي رمضان وهم يجوزون تأخير الفائتة وإن أتى عليها أوقات صلوات كثيرة فأين القياس وأما قولهم لو وجب الفور لما جاز التأخير لأجل الشيطان فقد تقدم جوابه وهو أن الموجبين للفور يجوزون التأخير اليسير لمصلحة التكميل, وأما نقضهم بخنق النبي صلى الله عليه وسلم للشيطان في صلاته فمن أعجب النقض, فإن التأخير اليسير للعدول عن مكان الشيطان لا تترك به الصلاة ولا يذهب به وقتها ولا يقطعها المصلي بخلاف من عرض له الشيطان في صلاته فإنه لو تركها لأجله لكان قد أبطل صلاته وقطعها بعد دخوله فيها, ولعله إن تعرض له في الصلاة الثانية فيقطعها فيترك الصلاة بالكلية فأين إحدى المسألتين من الأخرى والله أعلم بالصواب. فصل
وأما الصورة الثانية: وهي ما إذا ترك الصلاة عمدا حتى خرج وقتها فهي مسألة عظيمة تنازع فيها الناس هل ينفعه القضاء ويقبل منه أم لا ينفعه ولا سبيل له إلى استدراكها أبدا.
فقال أبو حنيفة والشافعي وأحمد ومالك يجب عليه قضاؤها ولا يذهب القضاء عنه إثم التفويت بل هو مستحق للعقوبة إلى أن يعفو الله عنه, وقالت طائفة من السلف والخلف من تعمد تأخير الصلاة عن وقتها من غير عذر يجوز