وهؤلاء يقولون كما وافقتمونا على أن الإرادة قديمة والمراد متأخر فكذلك نقول الفعل قديم والمفعول متأخر.
وطائفة ثانية قالت: بل الفعل حادث العين قائم بذاته ولا يلزم التسلسل كما يلزم التسلسل إذا كانت المفعولات حادثة الأعيان وهذا قول طوائف من الكرامية والمرجئة وغيرهم.
وطائفة ثالثة قالت: بل أعيان الفعل حادثة وإن جاز أن يكون نوعه قديما.
والمقصود هنا أن الذين قالوا إن الفعل عين المفعول إنما فروا من التسلسل وهو جائز عند هؤلاء الفلاسفة وحينئذ فلا يمكنهم أن يحتجوا بحجة هؤلاء فلا تكون حجة على أن الفعل نفس المفعول إلا قولهم بنفي الصفات مطلقا أو قولهم بنفي الأمور الاختيارية وكلا القولين في غاية الفساد وهم متنازعون في كلا الأصلين.
فقول النفاة منهم ومن غيرهم ضعيف فيهما كما بسط في موضعه مع أن القول بحدوث العالم مستلزم لهذين الأصلين كما أن هذين الأصلين يستلزمان لحدوث العالم.
وإذا كان كذلك تبين أنه لا يمكنهم القول بأن الفعل نفس المفعول فيلزم أن يكون غيره فإذا قدر الفعل قديم العين كانت صفة لازمة له قديمة العين وإذا كان كذلك فإنه يمتنع أن يفتقر إلى شيء من الحوادث سواء كانت حادثة النوع أو الأعيان كما يمتنع ذلك في ذاته القديمة فإنها إن كانت مفتقرة افتقار المعلول إلى علته امتنع كون