الصفديه (صفحة 462)

اللازمة له يمتنع وجودها إلا مع الحوادث المتعاقبة والحوادث المتعاقبة أفعاله وهذا بمنزلة أن ذاته مفتقرة أو مشروطة بأفعاله المتعاقبة.

ومعلوم أن أفعاله مفتقرة إليه من كل وجه فيمتنع أن يفتقر إلى ما هو مفتقر إليه.

وهذا دليل ثالث مستقل في المسألة فإن وجود العالم بدون الحوادث ممتنع فلو كان فعله العالم كصفاته الذاتية اللازمة له مفتقرا إلى الحوادث كان صفاته اللازمة له مفتقرة إلى الحوادث وهذا ممتنع وذلك لأن ما لزم ذاته وما قام بها فهو صفة لها.

وهؤلاء إن قالوا إن المفعول نفس الفعل والموجب نفس الإيجاب كما هو قول طائفة من النظار فهذا باطل قطعا فإنا نعلم أن خلق المخلوق ليس هو نفس المخلوق ولا ذلك يقتضي أن تكون المخلوقات وجدت بدون فعل من الرب.

ولأن الذين قالوا ذلك من أهل الكلام كالأشعري ومن وافقه كابن عقيل وغيره إنما قالوا ذلك لئلا يلزم التسلسل في الآثار وهو باطل عندهم فإنهم قالوا لو كان الخلق غير المخلوق والتأثير غير الأثر فذلك الخلق إن كان قديما لزم قدم المخلوق وهو ممتنع وإن كان حادثا افتقر إلى خلق آخر ويلزم التسلسل.

والذين خالفوهم ثلاث طوائف طائفة قالت بل الفعل قديم أزلي ومفعوله محدث كما يقول ذلك طوائف من أصحاب أبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد وأهل الحديث والصوفية ومن أهل الكلام.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015