ويفعل، بل هو فعال لما يريد، وتأبى هذا الصفة أن يكون معطلاً عن الفعل، لأن الفعل كمال وعدم الفعل نقص، وما نشاهده في هذا الكون من إحياء وإماتة وعطاء ومنع ومن إعزاز وإذلال ورفع وخفض وغيرها من تلك الأفعال التي لا تنقطع (ثانية) من الزمن التي هي بعضٌ وبعضٌ يسير جداً من آثار صفة الملك وغيرها من بعض الصفات مثل صفة الحياة والإرادة والقدرة.

يحدثنا الإمام ابن القيم في هذه النقطة المهمة حيث يقول رحمه الله: والأسماء الحسنى والصفات العلى، مقتضية لآثارها من العبودية والأمر اقتضاءها آثارها من الخلق والتكوين. فلكل صفة عبودية خاصة هي من موجباتها ومقتضياتها، أعني من موجبات العلم بها والتحقق بمعرفتها. إلى أن قال: فعِلْم العبد بتفرد الرب تعالى بالضر والنفع والعطاء والمنع، والخلق والرزق الإحياء والإماتة يثمر له عبودية التوكل عليه باطناً. ولوازم التوكل وثمراته ظاهراً1 اهـ.

وهذه الإشارة اللطيفة من الإمام ابن القيم تثير الانتباه إلى أن من آثار الأسماء الحسنى والصفات العلى تلك المعاني التي يجدها العبد في عبوديته القلبية التي تثمر التوكل على الله والاعتماد عليه وحفظ جوارحه وخطرات قلبه وضبط هواجسه حتى لا يفكر إلا في مرضاته يرضى لله ويحب لله وفي الله، به يسمع وبه يبصر ومع ذلك هو واسع الرجاء وحسن الظن بربه وهما أثران من آثار معرفته لجوده وكرمه وبره وإحسانه، وإنه عفو يحب العفو وإنه واسع الرحمة.

هذه المعاني وما في معناها تثمر له العبودية الظاهرة والباطنة على تفاوت بين شخص وآخر، ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015