وبعد: سبق أن أجرينا مقارنة واسعة بين موقف السلف والخلف من العقيدة في موضعين اثنين.
1- عند الكلام على منهج السلف الذي اعتبرناه منهج الرسالة في أوائل المدخل في المبحث الخامس.
2- عند الكلام على معاني بعض الصفات الخبرية في آخر الفصل الثالث من الباب الثاني.
ب - وخلاصة ذلك: أن السلف كانوا يحرصون كل الحرص على عدم التكلف بالتأويل والتحريف وعلى عدم التورط في التشبيه بل يكتفون بفهم المعاني العامة للنصوص، تلك المعاني التي تفهم من وضع الكلمة، وأما الخلف فقد تكلفوا التأويل وقالوا على الله بغير علم مع تفاوتهم في ذلك، وأحب أن أوضح هنا - تأكيداً لما ذكرت هناك- أن السلف يفهمون معاني الصفات العامة ويفوضون الكيفية فقط، فليسوا بالمؤولين المحرفين وليسوا بالمشبهين المجسمين ولا بالمفوضين الجاهلين. ولا الواقفين الحائرين، بل هم أصحاب فهم صحيح وفقه دقيق1، إذ هم وسط بين هذه النحل المختلفة. ومنهجهم لبن خالص يخرج من بين فرث التشبيه ودم التعطيل، ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم.
ومن أراد أن يعرف منهجهم وموقفهم من العقيدة على حقيقته