ومن أقوى أدلة أهل السنة على إثبات الرؤية قوله تعالى: {كَلاَّ إِنَّهُمْ عَن رَّبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّمَحْجُوبُونَ} 1، ومن العقوبة التي يعاقب الله تعالى بها الكفار يوم القيامة أنه يحجبهم عن رؤيته، ووجه استدلالنا بالآية أن الله سبحانه وتعالى جعل من أعظم عقوبة الكفار كونهم محجوبين عن رؤية الله وعن سماع كلامه، فإذاً إن من أعظم نعم الله على المؤمنين أنهم يرونه عياناً ويسمعون كلامه سماعاً إذ لو لم يره المؤمنون، ولم يسمعوا كلامه، كانوا أيضاً محجوبين عنه تعالى.

وبهذا الأسلوب احتج الإمام الشافعي بالآية وغيره من الأئمة، وفي هذا الصدد يحدثنا الإمام (المُزَني) - وهو من كبار أصحاب الإمام الشافعي- إذ يقول المزني: سمعت الشافعي يقول في قوله تعالى: {كَلاَّ إِنَّهُمْ عَن رَّبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّمَحْجُوبُونَ} : "فيها دليل على أن أولياءه يرون ربهم يوم القيامة".

ثم يأتي زميله (الربيع بن سليمان) ليؤكد ما حكاه المزني، حيث يقول: حضرت محمد بن إدريس الشافعي وقد جاءته رقعة من الصعيد فيها: ما تقول في قول الله عز وجل: {كَلاَّ إِنَّهُمْ عَن رَّبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّمَحْجُوبُونَ} ؟ فقال الشافعي: لما حجب هؤلاء في السخط، كان في هذا دليل على أن أولياءه يرونه في الرضى، قال الربيع: فقلت للشافعي: يا أبا عبد الله! وبه تقول؟ قال: نعم، وبه أدين الله. ثم قال الشافعي - وهو يؤكد هذا المعنى -: ولو لم يوقن محمد بن إدريس أنه يرى أنه يرى الله لما عبد الله عز وجل2.

وهناك آيات أخرى تدل على إثبات لقاء الله ورؤيته تعالى، وذلك مثل قوله تعالى: {وَاتَّقُواْ اللهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّكُم مُّلاَقُوهُ} 3، وقوله تعالى:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015