الرؤية غير ممكنة. والفرق بين الأسلوبين واضح لمن تأمل بإنصاف.

وبهذا عرفنا بأنه تعالى يُرى في الوقت الذي حدده سبحانه لرؤيته، وأن نبيه موسى عليه السلام إنما سأله ما هو ممكن، إلا أنه نبهه على أنه لا يقوى على الثبوت أمام التجلي في هذه الدار لضعف قوة البشر في الدنيا، إلا أن الله سوف يمنحهم القوة التي تمكنهم من الثبوت أمام تجلي الرب تعالى فيرونه عياناً ولكن دون إحاطة -كما تقدم- وهذا المفهوم هو الذي اتفق عليه الصحابة والتابعون وأئمة الإسلام على تتابع القرون.

4- وفي قوله تعالى: {وَلَكِنِ انظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي} 1، إشارة لطيفة وتنبيه إلى أن الجبل مع قوته وصلابته لا يثبت أمام التجلي، فكيف بك وبأمثالك لأنك أضعف من الجبل يا موسى!

هذا ... وأما دعوى المعتزلة وشيعتهم بأن (لن) تدل على التأبيد فدعوى باطلة تأباها اللغة، فإن (لن) إنما وضعت لنفي المستقبل، فأما التأبيد فإنما يستفاد من قرائن خارجية، وهي لا تفيد التأبيد بنفسها.

قال ابن هشام في أوضح المسالك: (ولن، وهي لنفي سيفعل) أي لنفي المستقبل (ولا تقتضي) تأبيد النفي ولا تأكيده، خلافاً للزمخشري2 اهـ.

وفي هذا يقول ابن مالك في كافيته:

ومن يرى النفي بلن مؤبدا ... فقوله ارْدُدْ وسواه فاعضدا

فمحاولة تأبيد النفي بلن محاولة جهمية مغرضة، ولكنها غير ناجحة بل مردودة كما قال ابن هشام.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015