انتفى أصل الصفة، استحال ثبوت حكمها، وأيضاً فلو لم تكن أسماؤه ذوات معان وأوصاف لكانت كلها سواء ولم يكن فرق بين مدلولاتها: وهذه مكابرة صريحة، وبهت بيّن. فإن من جعل معنى اسم (القدير) هو معنى اسم (السميع البصير) ، ومعنى اسم (التواب) هو معنى اسم (المنتقم) ، ومعنى اسم (المعطي) هو معنى اسم (المانع) ، فقد كابر العقل واللغة والفطرة.
فنفي أسمائه من أعظم الإلحاد فيها: والإلحاد فيها أنواع، هذا أحدها، والثاني تسمية الأوثان بها، كما يسمونها آلهة إلى أن قال رحمه الله: وحقيقة الإلحاد فيها العدول بها عن الصواب فيها، وإدخال ما ليس من معانيها فيها وإخراج حقائق معانيها عنها. هذه حقيقة الإلحاد1 اهـ.
وقال في موضع آخر من كتابه (مدارج السالكين) :
"إن الاسم من أسمائه تبارك وتعالى، كما يدل على الذات والصفة التي اشتق منها بالمطابقة2، فإنه يدل دلالتين أخريين بالتضمن واللزوم. فيدل على الصفة بمفردها بالتضمن، وكذلك على الذات المجردة عن الصفة، ويدل على الصفة الأخرى باللزوم. فإن اسم (السميع) يدل على ذات الرب وسمعه بالمطابقة، وعلى الذات وحدها، وعلى السمع وحده بالتضمن، ويدل على اسم (الحي) وصفة الحياة بالالتزام وكذلك سائر أسمائه وصفاته3 اهـ.