عن المعاني والأوصاف، كأعلام محضة وزعم أن الله سميع بلا سمع، عليم لا علم، مثلاً إلى آخر الصفات.
ومنهم من ينفي الصفات والأسماء، ليزعم تصور وجود ذات مجردة عن الأسماء والصفات معاً، وهو من أفسد مزاعمهم، لأنه ضرب من المحال، فلنسمع الحافظ ابن القيم وهو يناقش هذه المزاعم ويفندها ليكشف عوارهم إذ يقول رحمه الله - وهو يتحدث عن دلالة الأسماء على صفات الكمال -:
إن أسماء الله تبارك وتعالى دالة على صفات كماله، فهي مشتقة من الصفات فهي أسماء وهي صفات، وبذلك كانت حسنى، إذ لو كانت ألفاظاً لا معاني فيها لم تكن حسنى، ولا كانت دالة على مدح ولا كمال ولساغ وقوع الانتقام والغضب في مقام الرحمة والإحسان، وبالعكس فيقال: اللهم إني ظلمت نفسي فاغفر لي إنك أنت المنتقم، واللهم أعطني، فإنك أن الضار المانع، ونحو ذلك.
ونفي معاني أسمائه الحسنى من أعظم الإلحاد فيها قال تعالى: {وَذَرُواْ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَآئِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} 1، ولأنها لو لم تدل على معان وأوصاف لم يجز أن يخبر عنها بمصادرها ويوصف بها، لكن الله أخبر عن نفسه بمصادرها وأثبتها لنفسه وأثبتها له رسوله، كقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ} 2، فعلم أن (القوي) من أسمائه ومعناه الموصوف بالقوة، وكذلك قوله: {فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا} 3، وساق أمثلة كثيرة من القرآن والأحاديث الصحيحة إلى أن قال: لو لم تكن أسماؤه مشتملة على معان وصفات لم يسغ أن يخبر عنها بأفعالها. فلا يقال: يسمع ويرى ويعلم ويقدر ويريد، فإن ثبوت أحكام الصفات فرع من ثبوتها، فإذا