الإيمان أن يزعم أن في نصوص الكتاب والسنة ما يدل بظاهره على التجسيم؟ مدعين أنهم هم الذين استطاعوا وحدهم تصحيح ذلك التعبير الخاطئ بتأويلهم تلك النصوص تأويلاً يشبه التصحيح والتوجيه والاستدراك على الله يا سبحان الله {أَأَنتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللهُ} 1.
ومن عدم التوفيق أن القوم أخطأوا في معنى (التنزيه) وهذا الخطأ هو الذي أوقعهم في الأخطاء الناتجة منه، من اتهام النصوص، بدلالتها على التجسيم أو على أنه تعالى محصور في جهة معينة، وغيرها من تلك العبارات الجريئة.
التنزية عند السلف وبيان خطأ المعتزلة:
حقيقة التنزيه أن ينفي عن الله ما لا يليق بالله شرعاً، وعقلاً، كالولد والوالد والشريك، والند والتشبيه والتجسيم وغير ذلك مما نزه عنه نفسه في كتابه أو على لسان رسوله عليه الصلاة والسلام.
والله منزه عن كل ذلك، لكماله في ذاته وصفاته في وحدانيته وقيوميته، ولغناه المطلق عن كل ما سواه في الوقت الذي يحتاج إليه كل ما عداه، وهذا التنزيه في ضوء قوله تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ} 2، {هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا} 3، {وَلاَ يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا} 4، {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ اللَّهُ الصَّمَدُ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ} 5، وهل يوجد تنزيه أبلغ من هذا؟ وهو مشتمل على إثبات صفات الكمال، مع نفي ما لا يليق به سبحانه من معاني النقص والحاجة التي تتنافى والكمال المطلق لله سبحانه، هذا هو التنزيه الحقيقي عند أتباع القرآن والسنة.