أستريح إليه استراحة المكروب، وأجد به ما يوجد بالولد السار المحبوب ولقد كنت أستمد منه رأياً أقوم به أود المملكة، وأصل به إلى رضاء الله في سياسة الرعية، وآخر ما قال لي عند وداعه أن قال: يا أمير المؤمنين إذا استقش ما بينك وبين الله تعالى فابلله، قلت: بماذا يا صاحب الخير؟ قال: بالاقتداء به في الإحسان إلى عباده، فإنه يحب الإحسان إلى عباده، كما تحب الإحسان إلى ولدك من حاشيتك، والله ما أعطاك الله القدرة عليهم إلا لتصر على إحسانك إليهم بالشكر على حسناتهم، والتغمد لسيئاتهم، وأي شيء أوجه لك عند ربك من أن تكون أيامك أيام عدل وإنصاف، وإحسان، وإسعاف، ورأفة، ورحمة، ومن لي يا يحيى بمثل هذا القائل، وأنى لي بمن يذكرني بما أنا إليه صائر.

لما وقع الاختلاف بالمدينة خرج عروة بن الزبير إلى العقيق، واعتزل الناس، فعاتبه إخوانه فقال: رأيت ألسنتهم لاغية، وأسماعهم صاغية، وقلوبهم لاهية، فخفت أن تلحقني منهم الداهية، وكان لي فيما هنالك عنهم عافية.

قال سويد الصامت:

ألا رب من تدعو صديقاً ولو ترى ... مقالته بالغيب ساءك ما يفري

طور بواسطة نورين ميديا © 2015