تلقاه قوم من بغداد إلى زبالة وإلى ما فوقها ودونها، فلما قرت به الدار بمدينة السلام أتاه قوم لم يجشموا لقيه، فقال: كم من إنسان قعد لم يرم مجلسه حتى وافيناه فكان ألوط بقلوبنا، وأسكن في أسرارنا من قوم جشموا المسير إلى زبالة، إلا أن المودة هي الأصل، والصداقة هي الركن، والثقة هي الأساس، وما عدا ذلك فمحمول عليه، ومردود إليه.

قال يحيى بن أكثم: كنت أرى شيخاً يدخل على المأمون في السنة مرة، وكان يخلو به خلوة طويلة ثم ينصرف فلا نسمع له خبراً، ولا نرى له أثراً، لا نقدم على المسألة عنه فلما كان بعد قال لنا المأمون: واأسفاً على فقد صديق مسكون إليه، موثوق به، يلقى إليه العجر والبجر، ويقتبس منه الفوائد والغرر، قلنا وما ذاك يا أمير المؤمنين؟ قال: أما كنت ترى شيخاً يأتينا في الفرط، ونخلو به من دون الناس؟ قلت: بلى، قال: فإنه قد تأخر عن إبانه، وأظن أنه قد قضى، قلت: الله يمد في عمر أمير المؤمنين، وما في ذلك؟ قال: كان صديقي بخراسان، وكنت

طور بواسطة نورين ميديا © 2015