أو حاسد، أو شامت، أو منافق، أو مؤذ، أو منابذ، أو معاند، أو مزل، أو مضل، أو مغل، وقد قال الأوائل: الإنسان مدني بالطبع، وبيان هذا أنه لا بد له من الإعانة، والاستعانة، لأنه لا يكمل وحده لجميع مصالحه، ولا يستقل بجميع حوائجه، وهذا ظاهر، وإذا كان مديناً بالطبع كما قيل فبالواجب ما يعرض في أضعاف ذلك من الأخذ، والعطاء، والمجاورة والمحاورة، والمخالطة والمعاشرة، ما يكون سبباً لانتشار الأمر، ولا محالة أن هذه وأشباهها مفضية إلى جملة ما نعته هؤلاء الذين روينا نظمهم ونثرهم، وكتبنا جورهم وإنصافهم، وذلك أعلى فنون ما قالوه ونظروه، وعيون ما ذكروه ونشروه، ونروي في هذا الموضع بقية أبيات وإن عن شيء حكيناه، ونغلق الرسالة فإنها إذا طال بغضت، وإذا بغضت هجرت، وربما نيل من عرض صاحبها، وأنحي باللائمة عليه من أجلها، وهو لم يقصد إلا الخير، ولا أراد إلا الرشاد، وقد يؤتى الإنسان من حيث لا يعلم، ويرمي من حيث لا يتقي، كما يأتي من حيث لا يحتسب، وينجو وقد أشفى، ويدرك وقد غلب اليأس. قال العطوي:
لا تبك إثر مول عنك منحرف ... تحت السماء وفوق الأرض أبدال
الناس أكثر من أن لا ترى خلقاً ... ممن زوى وجهه عن وجهك المال