ورأيت الزهيري وقد كتب إلى ابن الأزرق كتاباً كتب في آخر هذه الأبيات:

اذهب فلا حاجة لي فيكا ... غطت على عيني مساويكا

وارغبتا فيك بدت سوءتي ... واسوءتا من رغبتي فيكا

قد كنت أرجوك أخاً لي فلا ... أفلح من أمسى يرجيكا

وقال بعضهم: تركتني معرفة الناس فرداً.

وأنشد آخر:

تركتني صحبة الناس ومالي من رفيق ... لم أجد إشفاق ندماني كإشفاق الصديق

قد أتت هذه الرسالة على حديث الصداقة والصديق، وما يتصل بالوفاق، والخلاف، والهجر، والصلة، والعتب، والرضا، والمذق، والرياء، والتحقق، والنفاق، والحيلة، والخداع، والاستقامة، والالتواء، والاستمانة، والاحتجاج، والاعتذار، ولو أمكن لكان تأليف ذلك كلؤه أتم مما هو عليه، وأجرى إلى الغاية في ضم الشيء إلى شكله، وصبه على قالبه، فكان رونقه أبين، ورفيقه أحسن، ولكن العذر قد تقدم، ولو أردنا أيضاً أن نجمع ما قاله كل ناظم في شعره، وكل ناثر من لفظه لكان ذلك عسيراً، بل متعذراً، فإن أنفاس الناس في هذا الباب طويلة، وما من أحد إلا وله في هذا الفن حصة، لأنه لا يخلو أحد من جار، أو معامل، أو حميم، أو صاحب، أو رفيق، أو سكن، أو حبيب، أو صديق، أو أليف، أو قريب، أو بعيد، أو ولي، أو خليط، كما لا يخلو أيضاً من عدو، أو كاشح، أو مداج، أو مكاشف،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015