ابن الجراح وهو جالس بيننا، فلم أكره مما قال غيرها. كان والله أن أقدم فتضرب عنقي لا يقربني ذلك من إثم أحب إلي من أن أتأمر على قوم فيهم أبو بكر، اللَّهم إلا أن تسول لي نفسي عند الموت شيئًا لا أجده الآن. فقال قائل من الأنصار: أنا جذيلها المحكك وعذيقها المرجب، منا أمير ومنكم أمير يا معشر قريش. فكثر اللغط وارتفعت الأصوات حتى فرقت من الاختلاف. فقلت: ابسط يدك يا أبا بكر. فبسط يده فبايعته وبايعه المهاجرون، ثم بايعته الأنصار ونزونا على سعد بن عبادة فقال قائل منهم: قتلتم سعد بن عبادة. فقلت: قتل الله سعد بن عبادة. قال عمر: وإنا والله ما وجدنا فيما حضرنا من أمر أقوى من مبايعة أبي بكر، خشينا إن فارقنا القوم ولم تكن بيعة أن يبايعوا رجلًا منهم بعدنا، فإما بايعناهم على ما لا نرضى، وإما نخالفهم فيكون فساد. فمن بايع رجلًا على غير مشورة من المسلمين فلا يتابع هو ولا الذي بايعه تغرة أن يقتلا.
13 - قال البخاري (4 - 1613): حدثنا محمَّد حدثنا عفان عن صخر بن جويرية عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة: دخل عبد الرحمن بن أبي بكر على النبي - صلى الله عليه وسلم - وأنا مسندته إلى صدري ومع عبد الرحمن سواك رطب يستن به فأبده رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بصره فأخذت السواك فقضمته ونفضته وطيبته ثم دفعته إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فاستن به فما رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - استن استنانا قط أحسن منه فما عدا أن فرغ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رفع يده أو إصبعه ثم قال: "في الرفيق الأعلى" ثلاثًا ثم قضى وكانت تقول مات بين حاقنتي وذاقنتي.
14 - قال البخاري (5 - 2387): حدثني محمَّد بن عبيد بن ميمون حدثنا عيسى بن يونس عن عمر بن سعيد قال أخبرني بن أبي مليكة أن أبا عمرو ذكران مولى عائشة أخبره أن عائشة -رضي الله عنها- كانت تقول: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان بين يديه ركوة أو علبة فيها ماء (يشك عمر) فجعل يدخل يده في الماء فيمسح بها وجهه ويقول: "لا إله إلا الله، إن للموت سكرات" ثم نصب يده فجعل يقول: "في الرفيق الأعلى" حتى قبض ومالت يده.
قال أبو عبد الله العلبة من الخشب والركوة من الأدم.