إن شاء فعل فإنا لا نؤمن لك إلا أن تفعل، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ذلك إلى الله إن شاء فعل بكم ذلك. فقالوا: يا محمَّد فما علم ربك أنا سنجلس معك ونسألك عما سألناك عنه ونطلب منك ما نطلب، فيتقدم إليك ويعلمك ما تراجعنا به ويخبرك ما هو صانع في ذلك أيضًا إذ لم تقبل منا ما جئتنا به، فقد بلغنا أنه إنما يعلمك هذا رجل باليمامة يقال له الرحمن، وإنا والله ما نؤمن بالرحمن أبدًا، أعذرنا إليك يا محمَّد، أما والله لا نتركك وما بلغت بنا حتى نهلكك أو تهلكنا. قال قائلهم: نحن نعبد الملائكة وهن بنات الله، وقال قائلهم لن نؤمن لك حتى تأتينا بالله والملائكة قبيلا. فلما قالوا ذلك قام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عنهم وقام معه عبد الله بن أبي أمية بن المغيرة بن عبد الله بن عمرو بن مخزوم، وهو ابن عمته ابن عاتكة ابنة عبد المطلب فقال له: يا محمَّد عرض عليك قومك ما عرضوا فلم تقبله منهم، ثم سألوك لأنفسهم أمورًا ليعرفوا منزلتك من الله فلم تفعل ذلك، ثم سألوك أن تعجل ما تخوفهم به من العذاب، فوالله لا أومن لك أبدًا حتى تتخذ إلى السماء سلمًا ترقى فيه وأنا أنظر، حتى تأتيها وتأتي معك بنسخة منشورة معك أربعة من الملائكة يشهدون لك أنك كما تقول، وأيم الله لو فعلت ذلك لظننت ألا أصدقك. ثم انصرف عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وانصرف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى أهله حزينًا أسيفًا لما فاته مما كان يطمع فيه من قومه حين دعوه، ولما رأى من مباعدتهم إياه، فلما قام عنهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال أبو جهل: يا معشر قريش إن محمدًا قد أبى إلا ما ترون من عيب ديننا وشتم آبائنا وتسفيه أحلامنا وسب آلهتنا، وإني أعاهد الله لأجلسن له غدا بحجر قدر ما أطيق حمله فإذا سجد في صلاته فضخت رأسه به.
ثم ذكر الطبري (15 - 166) قول ابن إسحاق:
حدثني محمَّد بن أبي محمَّد مولى زيد بن ثابت عن سعيد بن جبير أو عكرمة مولى ابن عباس عن ابن عباس بنحوه، ويقصد بذلك الحديث السابق وهذا يعني أن الرجل الذي وصفه ابن إسحاق ببعض أهل العلم هو: محمَّد بن أبي محمَّد وهو رجل مجهول الحال سكت عنه الرازي في الجرح والتعديل (8 - 88)، وقال عنه