قال ابن عبد البر في [جامع بيان العلم وفضله 2/ 65]:" أخبرنا أحمد بن فتح قال حدثنا أبو أحمد عبد الله بن محمد بن ناصح الفقيه الشافعي المعروف بابن المفسر في داره بمصر، قال: قال حدثنا أبو الحسن محمد بن يزيد بن عبد الصمد قال حدثنا موسى بن أيوب النصيبي قال حدثنا بقية بن الوليد قال: قال لي الأوزاعي:" يا بقية، العلم ما جاء عن أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، وما لم يجيء عن أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم فليس بعلم حدثني خلف ابن القاسم قال حدثنا أبو أحمد عبد الله بن محمد بن ناصح المعروف بابن المفسر الدمشقي بمصر قال حدثنا أبو بكر أحمد بن علي بن سعيد القاضي قال حدثنا أبو هشام الرفاعي قال حدثنا روح بن عبادة عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة في قوله عز وجل ويرى الذين أوتوا العلم الذي أنزل إليك من ربك هو الحق قال أصحاب محمد صلى الله عليه "
وقال ابن عبد البر في [الجامع 2/ 101]:- " وروى عيسى بن دينار عن ابن القاسم، قال سئل مالك، قيل له:- لمن تجوز الفتوى؟ فقال: لا تجوز إلا لمن علم اختلاف الناس فيه، قيل له اختلاف أهل الرأي؟ قال:- لا، اختلاف أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم وعلم الناسخ والمنسوخ من القرآن ومن حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم , وكذا يفتي "
أقول: وأما اليوم فكثيرٌ ممن يفتي ليس كبير خبرة بمعرفة مذاهب الصحابة، وغاية أمره أن يعرف كم روايةً في المذهب في المسألة، وربما تصدى لشرح بعض متون المذهب، وهو لا يعرف فتاوى الصحابة التي بنى عليها صاحب المذهب أقواله، فتجده يسفه من حلم هذا الإمام في بعض أقواله ويظهرها على أنها أقوال ضعيفة واهية لا تستند إلى ركن ركين، وإنما أتي من جهله بتعظيم الأئمة لآثار الصحابة رضوان الله عليهم، وبعضهم يصنف في أصول الفقه فيزعم جهلاً أن أقوال الصحابة ليست بحجةٍ مطلقاً، حتى إذا صنف كتاباً في الفقه اضطره تمذهبه إلى الإحتجاج بآثار الصحابة لأن إمامه ليس كمثله يعرف قدر فقه الصحابة.
قال ابن عبد البر في [الإستذكار 5/ 160]:" وحجة الليث ومن قال بقوله قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: [عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين بعدي] رواه العرباض بن سارية
وقال عليه السلام: [اقتدوا باللذين من بعدي أبو بكر وعمر] رواه حذيفة عن النبي عليه السلام "
أقول: والليث بن سعد إمام أهل مصر في الفقه، وفي هذا الرد على من زعم أن الإحتجاج بأقوال الراشدين بدعةٌ شامية، وقد تقدم أقوال أئمة الفقهاء من التابعين ومن بعدهم في البصرة والكوفة والمدينة، كلهم تأتلف كلمتهم على الإحتجاج بآثار الصحابة لاسيما الراشدين منهم.
قال ابن القيم في [الإعلام 1/ 98]:" َتَقْدِيمُ الْحَدِيثِ الضَّعِيفِ وَآثَارِ الصَّحَابَةِ عَلَى الْقِيَاسِ وَالرَّأْيِ قَوْلُهُ - يعني أبا حنيفة - وَقَوْلُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالْحَدِيثِ الضَّعِيفِ فِي اصْطِلَاحِ السَّلَفِ هُوَ الضَّعِيفُ فِي اصْطِلَاحِ الْمُتَأَخِّرِينَ "
أقول: وصدق الإمام فإن الرأي مع إيغالهم في القياس إلى حدٍ غير محمود، إلى أن أنهم عرفوا للصحابة حقهم فقدموا فتاويهم على القياس.
قال محمد بن الحسن في [كتاب الأصل - المخطوط لوح رقم 404]:" وعن عمر أنه قتل سبعة نفر برجلٍ واحد ثم قال:" فأخذ - يعني أبا حنيفة - في النفس بالأثر "
وهم يأخذون ببقية الجراحات بالقياس فيلزمون الجماعة بأرش الجناية ولا يقتصون منهم كل واحدٍ على حدة، وخالفوا قياسهم في القتل من أجل أثر عمر.
وقال المارودي في [الحاوي 2/ 291]:" قال الشافعي - رضي الله عنه -[ولا يقنت في شهر رمضان إلا في النصف الأخير منه وكذلك كان يفعل ابن عمر ومعاذ القاري] "