قال ابن القيم في [مفتاح دار السعادة /281 ط دار ابن عفان]:" الوجه السادس والخمسون ما رواه الترمذي وغيره في نسخة عمرو ابن الحارث عن دراج عن أبي الهيثم عن أبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لن يشبع المؤمن من خير يسمعه حتى يكون منتهاه الجنة قال الترمذي هذا حديث حسن غريب وهذه نسخة معروفة رواها الناس وساق أحمد في المسند أكثرها أو كثيراً منها ولهذا الحديث شواهد فجعل النبي صلى الله عليه وسلم النهمة في العلم وعدم الشبع منه من لوازم الإيمان وأوصاف المؤمنين واخبر أن هذا لا يزال دأب المؤمن حتى دخوله الجنة ولهذا كان أئمة الإسلام إذا قيل لأحدهم إلى متى تطلب العلم؟ فيقول إلى الممات قال نعيم بن حماد سمعت عبد الله بن المبارك رضي الله عنه يقول وقد عابه قوم في كثرة طلبه للحديث فقالوا له إلى متى تسمع قال إلى الممات وقال الحسين بن منصور الخصاص قلت لأحمد بن حنبل رضي الله عنه إلى متى يكتب الرجل الحديث قال إلى الموت وقال عبد الله بن محمد البغوي سمعت أحمد بن حنبل رضي الله عنه يقول إنما اطلب العلم إلى أن ادخل القبر وقال محمد بن إسماعيل الصائغ كنت أصوغ مع أبي ببغداد فمر بنا احمد بن حنبل وهو يعدو ونعلاه في يديه فأخذ أبي بمجامع ثوبه فقال يا أبا عبد الله ألا تستحي إلى متى تعدو مع هؤلاء قال إلى الموت وقال عبد الله بن بشر الطالقاني أرجو أن يأتيني أمر ربي والمحبرة بين يدي ولم يفارقني العلم والمحبرة وقال حميد بن محمد بن يزيد البصري جاء ابن بسطام الحافظ يسألني عن الحديث فقلت له ما اشد حرصك على الحديث فقال أو ما أحب أن أكون في قطار آل رسول الله صلى الله عليه وسلم وقيل لبعض العلماء متى يحسن بالمرء أن يتعلم قال ما حسنت به الحياة وسئل الحسن عن الرجل له ثمانون سنة أيحسن أن يطلب العلم قال إن كان يحسن به أن يعيش " انتهى كلامه رحمه الله تعالى
قال ابن عبد البر في الجامع:" ورأيت في كتاب جامع القرآن لأبي بكر بن مجاهد رحمه الله قال حدثنا أبو أحمد محمد بن موسى قال حدثنا الفضل بن محمد قال حدثنا محمد بن إسحاق قال حدثنا ابن مناذر قال سألت أبا عمرو بن العلاء حتى متى يحسن بالمرء أن يتعلم فقال ما دام تحسن به الحياة ومن غر ذلك الكتاب سئل سفيان ابن عيينة من أحوج الناس إلى طلب العلم قال أعلمهم لأن الخطأ منه أقبح "
قال البخاري في الصحيح:" بَاب الِاغْتِبَاطِ فِي الْعِلْمِ وَالْحِكْمَةِ وَقَالَ عُمَرُ تَفَقَّهُوا قَبْلَ أَنْ تُسَوَّدُوا "
الأساس الثاني: العناية بالإسناد وطلب علوه روايةً ودرايةً.
قال الخطيب في [شرف أصحاب الحديث ص25] " حدثنا محمد بن يوسف القطان، قال: أخبرنا محمد بن عبد الله الضبي، قال: سمعت حسان بن محمد الفقيه، يقول: سمعت الحسن بن سفيان، يقول: سمعت صالح بن حاتم بن وردان، يقول سمعت يزيد بن زريع: لكل دين فرسان، وفرسان هذا الدين أصحاب الأسانيد "
وقال الحاكم في [معرفة علوم الحديث ص3] " سمعت أبا علي الحسين بن علي الحافظ يقول:- سمعت جعفر ابن محمد بن سنان الواسطي سمعت أحمد بن سنان القطان يقول:- ليس في الدنيا مبتدع إلا وهو يبغض أهل الحديث، وإذا ابتدع الرجل نزع حلاوة الحديث من قلبه
سمعت أبا نصر أحمد بن سهل الفقيه ببخارى يقول سمعت أبا نصر أحمد بن سلام الفقيه يقول:" ليس شيءٌ أثقل على أهل الإلحاد من سماع الحديث وروايته بالإسناد "
أقول: ولذكر الإسناد والمحافظة على هذه السنة السلفية فوائد جمة.