حدثنا عليّ قال: قيل لسفيان في هذا فنزلت: (لا تتخذوا عدوي وعدوّكم أولياء) الآية؟ قال سفيان: هذا في حديث الناس حفظته من عمرو، ما تركتُ منه حَرفاً، وما أرَى أحداً حفظه غيري.
(صحيح البخاري 8/502 - ك التفسير - سورة الممتحنة، ب (الآية) ح4890) ، وسلم (الصحيح 4/1941-1942 ح2494 - ك فضائل الصحابة، ب من فضائل أهل بدر رضي الله عنهم وقصة حاطب بن أبي بلتعة) .
قال ابن كثير: (يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة وقد كفروا بما جاءكم من الحق) يعني: المشركين والكفار الذين هم محاربون لله ولرسوله وللمؤمنين الذين شرع الله عداوتهم ومصارمتهم، ونهى أن يتخذوا أولياء وأصدقاء وأخلاء، كما قال (يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم) وهذا تهديد شديد ووعيد أكيد، وقال تعالى (يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا الذين اتخذوا دينكم هزوا ولعبا من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم والكفار أولياء واتقوا الله إن كنتم مؤمنين) ... وقوله (يخرجون الرسول وإياكم) هذا مع ما قبله من التهييج على عداوتهم وعدم موالاتهم لأنهم أخرجوا الرسول وأصحابه من بين أظهرهم، كراهة لما هم عليه من التوحيد وإخلاص العبادة لله وحده ولهذا قال (أن تؤمنوا بالله ربكم) أي: لم يكن لكم عندهم ذنب إلا إيمانكم بالله رب العالمين، كقوله (وما نقموا منهم إلا أن يؤمنوا بالله العزيز الحميد) وكقوله (الذين أخرجوا من ديارهم بغير حق إلا أن يقولوا ربنا الله) .
قوله تعالى (لَنْ تَنْفَعَكُمْ أَرْحَامُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَفْصِلُ بَيْنَكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ)
هذه الأرحام والأولاد المراد بهم من الكفار كما يؤكد هذا الآية التالية في براءة إبراهيم من قومه المشركين.