قوله تعالى (إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا)
قال البخاري: حدثنا محمد بن كثير أخبرنا سفيان، حدثنا الأعمش عن زيد ابن وهب، حدثنا حذيفة قال: حدثنا رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حديثين رأيت أحدهما وأنا أنتظر الآخر: حدثنا أن الأمانة نزلت في جذر قلوب الرجال، ثم علموا من القرآن ثم علموا من السنة، وحدثنا عن رفعها قال: ينام الرجل النومة فتقبض الأمانة من قلبه فيظل أثرها مثل أثر الوكت، ثم ينام النومة فتُقبض فيبقى فيها أثرها مثل أثر المجل، كحمر دحرجته على رِجلك فنفط فتراه صبرا منتبرا وليس فيه شيء، ويصبح الناس يتبايعون فلا يكاد أحد يُؤدي الأمانة، فيقال: إنّ في بني فلان رجلا أمينا، ويقال للرجل: ما أعقله وما أظرفه وما أجلده وما في قلبه مثقال حبة خردل من إيمان، ولقد أتى عليّ زمان ولا أبالي أيكم بايعت، لئن كان مسلما رده عليّ الإسلام، وإن كان نصرانيا رده عليّ ساعيه، وأما اليوم فما كنت أبايع إلا فلانا وفلانا.
(صحيح البخاري 13/42 - ك الفتن، ب إذا بقي في حثالة من الناس) ، (صحيح مسلم 1/126-127 ح7086 - ك الإيمان، رفع الأمانة والإيمان من بعض القلوب..) .
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله: (إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال) إن أدوها أثابهم، وإن ضيعوها عذبهم، فكرهوا ذلك، وأشفقوا من غير معصية، ولكن تعظيما لدين الله أن لا يقوموا بها، ثم عرضها على آدم، فقبلها بما فيها، وهو قوله (وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا) غرا بأمر الله.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة قوله (إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال) يعني به: الدين والفرائض والحدود (فأبين أن يحملنها وأشفقن منها) قيل لهن: احملنها تودين حقها، فقلن لا نطيق ذلك (وحملها