قال الشيخ الشنقيطي: هذا الذي ذكره جل وعلا في هذه الآية الكريمة من كون أخته مشت إليهم وقالت لهم: (هل أدلكم على من يكفله) أوضحه جل وعلا في سورة القصص فبين أن أخته المذكورة مرسلة من أمها لتتعرف خبره بعد ذهابه في البحر وأنها أبصرته من بعد وهم لا يشعرون بذلك وأن الله حرم عليه المراضع غير أمه تحريما قدريا كونيا فقالت لهم أخته: (هل أدلكم على من يكفله) أي على مرضع يقبل هو ثديها وتكفله لكم بنصح وأمانة وذلك في قوله تعالى (وقالت لأخته قصيه فبصرت به عن جنب وهم لا يشعرون وحرمنا عليه المراضع من قبل فقالت هل أدلكم على أهل بيت يكفلونه لكم وهم له ناصحون فرددناه إلى أمه كي تقر عينها ولا تحزن ولتعلم أن وعد الله حق ولكن أكثرهم لا يعلمون) فقوله تعالى في آية القصص هذه (وقالت لأخته) أي قالت أم موسى لأخته وهي ابنتها (قصيه) أي: اتبعي أثره وتطلبي خبره حتى تطلعي على حقيقة أمره.
قوله تعالى (وقتلت نفسا فنجيناك من الغم وفتناك فتونا فلبثت سنين في أهل مدين ثم جئت على قدر يا موسى)
قال مسلم: حدثنا عبد الله بن عُمر بن أبان وواصل بن عبد الأعلى وأحمد بن عمر الوكيعي -واللفظ لابن أبان- قالوا: حدثنا ابن فضيل عن أبيه. قال: سمعت سالم بن عبد الله بن عمر يقول: يا أهل العراق! ما أسألكم عن الصغيرة، وأركبكم للكبيرة! سمعت أبي، عبد الله بن عمر يقول: سمعت رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول: "إن الفتنة تجيء من هاهنا" وأومأ بيده نحو المشرق مِن حيث يطلع قرنا الشيطان" وأنتم يضرب بعضكم رقاب بعض. وإنما قتل موسى الذي قتل، مِن آل فرعون، خطأ فقال الله عز وجل له (وقتلت نفسا فنجّيناك من الغم وفتنّاك فتونا) . قال أحمد بن عمر في روايته عن سالم: لم يقل: سمعت.
(صحيح مسلم 3/2229-2230- ك الفتن وأشراط الساعة، ب الفتنة في المشرق من حيث طلع قرنا الشيطان) .