ويهدي ويضل ويسعد ويشقي وحده، وليس لغيره من الأمر شيء، كائناً من كان بل الأمر كله لله.
وأقرب الخلق إليه وسيلة وأعظمهم عنده جاهاً وأرفعهم لديه ذكراً وقدراً وأعمهم عنده شفاعة ليس له من الأمر شيء ولا يعطي أحد شيئاً، ولا يمنع أحد شيئاً، ولا يملك لأحد ضراً ولا رشداً، وقد قال الأقرب الخلق إليه وهم ابنته وعمه وعمدته: ((يا فاطمة بنت محمد لا أغني عليك من الله شيئاً، يا عباس عم رسول الله لا أغني عنك من الله شيئاً، يا عباس عم رسول اله لا أغني عنك من الله شيئاً، يا صفية عمة رسول اله صلى الله عليه وسلم لا أغني عنك من الله شيئاً)) (?) .
فهذا هو التعظيم الحق المطابق لحال المعظم النافع للمعظم في معاشه ومعاده الذي هو لازم إيمانه وملزومه، وأما التعظيم باللسان فهو الثناء عليه بما هو أهله مما أثنى به على نفسه، وأثنى به عليه ربه من غير غلو ولا تقصير، فكما أن المقصر المفرط تارك لتعظيمه، فالغالي المفرط كذلك، وكل منهما شر من الأجر من وجه دون وجه، وأولياءه سلكون بين ذلك قواماً؛ وأما التعظيم بالجوارح فهو العمل بطاعته والسعي في إظهار دينه وإعلانه كلماته ونصر ما جاء به وجهاد ما خالفه.
وبالجملة:فالتعظيم النافع هو تصديقه فيما أخبر وطاعته فيما أمر والموالاة والمعاداة والحب والبغض لأجله وفيه وتحكيمه وجدة والرضا بحكمه، وأن لا يتخذ من دونه طاغوت يكون التحاكم إلى أقواله: فما وافقها من قول الرسول قبله وما خالفها رده، أو تأوله أو فوضه،أو أعرض عنه، والله سبحانه يشهد وكفى به شهيداً وملائكته ورسله وأولياؤه إن عباد القبور وخصوم الموحدين ليسوا كذلك، وهم يشهدون على أنهم بذلك.
وما كان لهم أن ينصروا دينه ورسوله صلى الله عليه وسلم شاهدين على أنفسهم بتقديم آراء شيوخهم،وأقوال متبوعهم على قوله، وأنه لا يستفاد من كلامه يقين، وأنه إذاعارضة الرجال قدمت عليه، وكان الحكم ما تحكم به، أفلا يستحي من الله ومن العقلاء من هذا حالة في أصول دينه وفروعه أن يستر بتعظيم القبر ليوهم الجهال أنه معظم لرسوله ناصر له