وأما الكتاب: فقوله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللهِ وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُواْ أَنفُسَهُمْ جَآؤُوكَ فَاسْتَغْفَرُواْ اللهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُواْ اللهَ تَوَّابًا رَّحِيمًا} (النساء 064) دلت الآية على حث على المجيء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم والاستغفار عنده واستغفاره لهم، وذلك وإن كان ورد في حال الحياة فهي رتبة له صلى الله عليه وسلم لا تنقطع بموته تعظيماً له.
فإن قلت: المجيء إليه في حال الحياة ليستغفر لهم وبعد الموت ليس كذلك قلت: دلت الآية على تعليق وجدانهم الله تواباً رحيماً بثلاثة أمور: المجيء واستغفارهم واستغفار الرسول، فأما استغفار الرسول فإنه حاصل لجميع المؤمنين،لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم استغفر للمؤمنين لقوله تعالى: ((واستغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات)) ولهذا قال عاصم بن سليمان - وهو تابعي - لعبد اله بن سرجس الصحابي: استغفر لك رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال: نعم ولك، ثم تلا هذه الآية. رواه مسلم (?) .
فقد ثبت أحد الأمور الثلاثة، وهو استغفار الرسول صلى الله عليه وسلم لكل مؤمن ومؤمنة، فإذا وجد مجيئهم واستغفارهم تكملت الأمور الثلاثة الموجبة لتوبة الله ورحمته، وليس في الآية ما يعين أن يكون استغفار الرسول بعد استغفارهم، بل هي محتملة (?) .
والمعنى يقتضي بالنسبة إلى استغفار الرسول أنه سواء تقدم، أم تأخر، فإن المقصود إدخالهم بمجيئهم واستغفارهم تحت من يشمله استغفار الرسول صلى الله عليه وسلم، وإنما يحتاج إلى المعنى المذكور إذا جعلنا استغفر لهم الرسول معطوفاً على فاستغفروا الله أما